المقصد الثامن
في تعارض الأدلة الشرعيّة
وقبل الدخول في صلب الموضوع نقدّم أُموراً:
الأوّل: تعارض الأدلّة من المسائل الأُصولية
إنّ البحث عن تعارض الأدلّة وكيفية علاجها عند التعارض، من المسائل الأُصولية المهمَّة، أمّا كونها من المسائل الأُصولية فلما عرفت في مبحث حجية خبر الواحد أنّ روح البحث في أبواب الحجج، يرجع إلى البحث عن تعيين ما هو الحجّة في الفقه بعد تسليم أصل وجود الحجّة.
توضيح ذلك: انّ الفقيه يعلم أنّ بينه و بين ربّه حججاً قطعية في الأحكام الشرعية، تُنجّز الواقع وتَقطع العذر، ولكن لا يعرف خصوصيّاتها وتعيّناتها فيقع البحث في علم الأُصول عن خصوصياتها وتعيّناتها.
وعلى ضوء ذلك، فوجود الموضوع أي الحجّة بين العبد و المولى أمر محقّق معلوم لدى الفقيه، ولذلك لا يعود البحث في أبواب الحجية إلى البحث عن وجود الموضوع لما عرفت من أنّ وجود الحجّة أمر قطعي، وإنّما يرجع إلى البحث عن عوارض تلك الحجّة، أعني: تعيُّنها بالخبر الواحد أو الشهرة الفتوائية أو غيرهما، فالبحث عن تعيّن الحجة وخصوصياتها بحث عن عوارض الموضوع.