وثالثاً: أنّ ما ذكره من الفرض أمر ذهني ليس له مصداق في الخارج، إذ كيف يتصور أن يكون المخالف المبائن للقرآن، مُجْمعاً عليه، و الموافق شاذاً؟؟!
ورابعاً: أنّ أقصى ما يلزم هو إلغاء الترتيب الوارد في رواية ابن حنظلة وبما انّ الترتيب ورد في كلام الراوي بمعنى انّه هيّأ الأرضية بسؤالاته لأن يذكر الإمام كلاً بعد الآخر فلا يعبأ بذلك الترتيب. وبالتالي يكون كلّمن الأُمور الأربعة أو الثلاثة أمارة لتشخيص الحقّ عن الباطل، في مستوى واحد كما لا يخفى.
الجهة الثالثة
في التعدّي من المنصوص إلى غيره
لو افترضنا انّ ما ذكر من المزايا مرجِّحات للرواية، فهل يقتصر عليها في مقام الترجيح أو يتعدى عنه إلى غيره كموافقه الأصل أو موافقة الإجماع المنقول وغيرهما ؟ ذهب الشيخ الأعظم إلى لزوم التعدّي خلافاً للمحقّق الخراساني، واستدلّ الشيخ الأنصاري على التعدّي بوجوه أربعة:
الوجه الأوّل: انّ الترجيح بالأصدقية في المقبولة والأوثقية في المرفوعة ليس إلاّ لأجل كونهما موجبتين للأقربية ويجب الأخذ بكلّ ما يوجب أقربية أحدهما من الآخر، وعلى ضوء هذا ينتقل إلى الترجيح بكلّ صفة في الراوي والرواية توجب أقربية أحد الخبرين، ككون الراوي مُجيداً للغة العربية دون الآخر، أو كون إحدى الروايتين منقولة بالمعنى دون الأُخرى.