اختلفت الأخبار في بيان الكرّففي بعض منها الكرّ ستمائة رطل، و في بعض آخر الكرّ من الماء الذي لا ينجسه شيء ألف ومائتا رطل، وهما في بادئ النظر مختلفان لكن بالنظر إلى العرف الذي تكلّم به الإمام ينحلّ به الاختلاف فانّ المخاطب في الخبر الأوّل هو محمد بن مسلم الثقفي الطائفي، والطائف قريب من مكة، ولكن المخاطب في الثاني هو محمد بن أبي عمير البغدادي وبذلك يتحد مضمون الروايات فانّ الكرّ حسب العرف الأوّل هو 600 رطل وحسب العرف الثاني 1200 رطل وفي الوقت نفسه هما أمر واحد قد عُبّر عنه بتعبيرين.(1)
3. ملاحظة مصلحة الراوي حين الإفتاء
إنّ الأخذ بمصلحة الراوي ممّا أوجب اختلاف الروايات، ففي الفقه الإمامي المتواتر عن الإمام الصادق ـ عليه السلام ـ هو انّ الرجل إذا مات و ترك ابنة واحدة فقط فالتركة جميعاً لها: نصفها بالفرض والنصف الآخر بالرد، على خلاف ما عليه الفقه السنّي فانّ النصف عندهم للبنت والنصف الآخر للعَصَبَة. فترى أنّالإمام الصادق ـ عليه السلام ـ في الرواية التالية يُفتي بفتوى أهل السنّة رعاية لمصلحة الراوي، روى سلمة بن محرز، قال: قلت لأبي عبد اللّه ـ عليه السلام ـ : إنّ رجلاً مات و أوصى إليَّ بتركته وترك ابنته، قال: فقال لي: «أعطها النصف»، قال: فأخبرت زرارة بذلك، فقال لي: اتّقاك إنّما المال لها، قال: فدخلت عليه بعدُ، فقلت: أصلحك اللّه إنّ أصحابنا زعموا أنّك اتّقيتني؟ فقال: «لا واللّه ما اتّقيتك ولكنّي اتقيت عليك أن تَضْمَنَ» فهل علم بذلك أحد؟ قلت: لا، فقال: فأعطها ما بقي».(2)
1. الوسائل: الجزء 1، الباب 11 من أبواب الماء المطلق، الحديث3، 1.2. الوسائل: 17/442، الباب4 من أبواب ميراث الأبوين، الحديث 3.