الأصل من باب الورود ، بخلاف العكس فانّه من باب التخصيص الدائر بخلاف الموردين الأخيرين، إذ لم يُثبت بعد، تقدم الاستصحاب على الأُصول النقلية، ولا الأصل السببي على المسببي، فالتخصيص في كلّ جانب مستلزم للدور.
ما هو وجه تقديم السببي على المسببي؟
إنّ تقديم الأصل السببي على المسببي ليس لأجل مزية في الأوّل على الثاني من حيث هوهو، بل لأجل انّالأوّل ينقِّح موضوع الدليل الاجتهادي ويكون الحاكم هو عليه، لا الأصل السببي وقد أشار إليه الشيخ الأعظم في ثنايا كلماته، ولكنّه لم يأكد عليه حيث قال: «وثانياً انّ نقض يقين النجاسة، بالدليل الدال على انّكلّنجس غسل بماء طاهر فقد طهر، وفائدة استصحاب الطهارة إثبات كون الماء طاهراً به....(1)
توضيحه: انّه لا دور للاستصحاب إلاّ إحراز نفس المشكوك شرعاً، فلو كان المحرز حكماً شرعياً يستقل العقل بامتثاله وإطاعته مثل الأحكام المحرزة بالعلم، وإن كان موضوعاً فلابدّ أن يكون موضوعاً لحكم شرعي وإلاّ يكون التعبد به أمراً لغواً.
مثلاً انّ استصحاب الحياة، أصل موضوعي يصحّ التعبد بها إذا كان موضوعاً لحكم شرعي، حيث يترتب عليه بقاء زوجته في حبالته، وبقاء أمواله في ملكه، حيث إنّ التسريح لا يتحقّق إلاّ بأسباب كلّها قطعي الانتفاء إلاّ الموت والمفروض ورود التعبد بعدمه، كما أنّالأموال لا تُقسَّم إلاّ إذا صدق له
1. الفرائد: 425، ضمن تقرير الدليل الثاني.