انّه إذا صدر فعل عن إنسان مختار لغاية خاصة فيحمل على الفرد الصحيح منه دون الفاسد.
وما ذكره من الأمثلة خارج عن هذا الموضوع، إذ ليس المدّعى انّه يُسمع دعوى كلّمدّع في حقّ الآخرين بمجرّد الشهادة، وإنّما موردها فعل صادر من فاعل مختار له وجهان صحيح وغير صحيح، فيحمل على الصحيح من دون أن يقع ذريعة لتصديق أحد وتكذيب الآخر.
وبالجملة : فإنكار هذا الأصل بين العقلاء والمتشرّعة والفقه غير تامّ.
الأمر الرابع
هل المراد هو الصحّة عند الفاعل أو الحامل؟
هل أصالة الصحّة تثبت كون العمل صحيحاً عند الفاعل والعامل، أو تثبت كونه صحيحاً عند الحامل؟ ويعبر عن الأوّل بالصحّة الفاعلية، وعن الثاني بالصحّة الواقعية، لأنّ الحامل يتصور انّ ما يعتقده هو الواقع، فهنا وجهان:
الأوّل: انّ مقتضى التعليل هو الصحّة عند الفاعل لما قرّر من أنّ الفاعل المريد الهادف لا يترك ما هو المؤثر في العمل عمداً لكونه نقضاً للغرض، ولا سهواً لكونه نادراً، فلو اعتمدنا في أصالة الصحّة على هذا التعليل، فلا يثبت إلاّ كون العمل صحيحاً عند الفاعل.
الثاني: انّ الغرض الذي لأجله أُسِّس الأصل هو ترتيب الآثار الواقعية عند الحامل، والمفروض انّ الأثر مترتب على العمل الصحيح عنده لا عند الفاعل.
وبذلك يظهر وجود التنافي بين التعليل والغرض الذي أُسِّس لأجله