الثالثة:هل التخيير بدوي أو استمراري؟
هل التخيير بين الخبرين بدوي بمعنى انّه إذا طبق العمل على مضمون أحد الخبرين، فليس له العدول عنه في الواقعة الثانية، أو استمراري بمعنى ثبوته طيلة عمره، فلو صلّى صلاة الجمعة في يومها فله أن يصلّـي صلاة الظهر في يومها الآخر؟ والأوّل خيرة الشيخ الأعظم، والثاني خيرة المحقّق الخراساني، وفصّل المحقق النائيني بين كون مصب التخيير هو المسألة الأُصولية فالتخيير بدوي، وكونه المسألة الفقهية فالتخيير استمراريّ.(1)
استدل الشيخ بأنّ مصدر التخيير إمّا الأخبار أو الاستصحاب. فالأُولى مسوقة لبيان وظيفة المتحيّر في ابتداء الأمر، فلا إطلاق فيها بالنسبة إلى حال المتحيّـر بعد الالتزام بأحدهما: والثاني غير جار، لأنّ الثابت سابقاً ثبوت الاختيار لمن تحيّر فإثباته لمن اختار والتزم إثبات للحكم في غير موضعه الأوّل.(2)
يلاحظ على الأوّل :بأنّ الموضوع للتخيير من حضر عنده الخبران ولم يُميِّز الصادق عن الكاذب، والموضوع بهذا الوصف باق حتى بعد الأخذ بأحدهما.
وعلى الثاني بمثل ذلك، فانّ الموضوع، للتخيير هو من حصره عند الخبران المتنافيان، وهو أيضاً باق بعد الأخذ بأحدهما.
والأولى أن يستدل على التخيير البدوي بأنّ القول بالاستمرار ربّما يستلزم المخالفة العملية التدريجيّة و المخالفة العملية عندما إذا كان أحد الخبرين صادقاً وهي قبيحة من غير فرق بين الدفعية والتدريجية.
1. فوائد الأُصول: 4/768.2. الفرائد:440.