والفرق بين هذا البيان و البيانين المتقدمين، هو انّ المحقّق الخراساني اعتمد على حكاية الأمارة عن الموضوع ولوازمه، كما أنّ المحقق النائيني اعتمد على لسان حجية الأمارة وانّه عبارة عن إفاضة الطريقية وجعل الكاشفية، وقد عرفت إشكال كلّ واحد منهما.
وأمّا هذا البيان فهويعتمد على أنّ الأمارة مفيدة للوثوق والاطمئنان، والمراد من الوثوق هو النوعي لا الشخصي، والوثوق بالشيء موجب للوثوق بلوازمه وانّ عمل العقلاء لأجل هذا الملاك و انّ الشارع أمضى العمل بالأمارة لأجله أيضاً.
وهذا البيان لا غبار عليه، وبذلك يتبيّن الفرق بين الأمارة و العمل بالأصل، فانّ الاولى طريق إلى الواقع في ظرف الشك رافع له، بخلاف الأصل فانّه حجّة في ظرف الشك مع التحفظ عليه كما هو ظاهر قوله: «لا تنقض اليقين بالشكّ»، فيأمر بعدم نقض اليقين مع حفظ الشكّ.
المقام الرابع: مستثنيات الأُصول المثبتة
قد استثني من عدم حجّية الأُصول المثبتة موردان:
الأوّل: خفاء الواسطة
قد استثنى الشيخُ الأعظم من عدم حجّية الأُصول المثبتة خفاءَ الواسطة و قال: إنّبعض الموضوعات الخارجية المتوسطة بين المستصحب والحكم الشرعي، من الوسائط الخفية بحيث تعدُّ الأحكامُ الشرعية المترتبة عليها، أحكاماً لنفس المستصحب عرفاً، وهذا المعنى يختلف وضوحاً وخفاءً باختلاف مراتب خفاء الواسطة عن أنظار العرف، ثمّ ضرب المثال التالي: