للظن الضعيف ينتقل إليه من هذه الآية ونظائرها إلى أنّها بصدد الرد على العمل بهذا الظن.
والأولى أن يجاب بأنّ الآيات الناهية عن العمل بالظن أو العمل بغير العلم ناظرة إلى ما كان عليه العرب في العصر الجاهلي ، حيث كان ديدنهم العمل، وفق الخرص والتخيّل، ولذلك يقول سبحانه: (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاّ الظّنَّ وَما تَهْوَى الأَنْفُسُ)(1)، وقوله سبحانه: (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاّيَخْرُصُون) (2). ففي الآية الأُولى عطف (وما تهوى الأنفس)، على الظن، كما أنّه في الآية الثانية فسّر (الظن) بالخرص، كلّ ذلك شاهد على أنّالآيات الناهية بصدد نفي ما كان عليه العرب في العصر الجاهلي من العمل بموازين موهومة، فكانوا يقولون: بأنّ الملائكة بنات اللّه، أو انّ عيسى ابن اللّه، إلى غير ذلك وأين هذا من بناء العقلاء على الأخذ بالحالة السابقة الذي يدور عليه نظام الحياة في غالب الأُمور؟ فبناء العقلاء خارج عن مدلول الآيات تخصصاً وموضوعاً.
الثاني: الاستقراء
قال الشيخ: إنّا تتبّعنا موارد الشكّ في بقاء الحكم السابق المشكوك من جهة الرافع فلم نجد مورداً إلاّ وقد حكم فيه الشارع بالبقاء، إلاّ مع أمارة توجب الظن بالخلاف. وهي لا تتجاوز عن موارد ثلاثة:
أ: الحكم بنجاسة البلل الخارج قبل الاستبراء، فانّ الحكم بها ليس لعدم اعتبار الحالة السابقة، وإلاّ لوجب الحكم بالطهارة لقاعدة الطهارة، بل لغلبة بقاء
1. النجم:23.2. يونس:66.