الأحاديث الفقهية.
روت العامة عن رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ انّه قال: لرجل أتاه فقدّم أباه، فقال له ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ: «أنت و مالك لأبيك».
وقد استدلّ بهذه الرواية على ولاية الأب على مال الولد ونفسه، وإنّما يصحّ الاستدلال لو صدرت الرواية بهذا النحو، ولكن الوارد من طرقنا يشرح مقصود الرسول ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ من هذا الكلام ويعرب عن كونه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ بصدد بيان حكم أخلاقي لا شرعي حتى يستفاد منه الولاية على الأموال بل النفوس، يقول الإمام الصادق ـ عليه السلام ـ بعد نقله:
«إنّما جاء بأبيه إلى النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ فقال: يا رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ هذا أبي وقد ظلمني ميراثي من أُمّي، فأخبره الأب، أنّه قد أنفقه عليه وعلى نفسه، وقال: أنت و مالك لأبيك، ولم يكن عند الرجل شيء أوَ كان رسول اللّه يحبس الأب للابن؟!».(1)
والدقة في ألفاظ الرواية وقوله: «أوَ كان رسول اللّه يحبس الأب للابن؟!» تعرب عن كون الكلام وارداً لبيان أصل أخلاقي يجدر على الابن رعايته. وتكشف عن عدم ولايته على مال الابن وإنّما لم يحبسه لعدم الفائدة فيه لكونه معدِماً أوّلاً وترفّع مقام الأب عن الحبس بصرف مال الولد ثانياً.
2. أخذ عرف الراوي بنظر الاعتبار
انّ أكثر المتلقّين عن أئمّة أهل البيت كانوا عرباً ولكن كان لهم أعراف مختلفة، مثلاً الرطل ـ الذي هو عند الجميع حاك عن الوزن و المقدارـ يختلف مقداره عند المكي والعراقي، فالرطل المكي ضِعْف الرطل العراقي، وبذلك
1. الوسائل: 12/196ـ 197، الباب 78 من أبواب ما يكتسب به، الحديث 8.