الاستصحاب من دون رائحة قياس، فيقال: هذا كان في السابق إذاغلى يحرم، والأصل بقاؤه على ما عليه، فيكون المرجع هو الأصل العملي في الفترة الأخيرة مادام كونه زبيباً.
وبهذا يظهر كيفية جريان الاستصحاب في الماء المتغيّر الذي زال تغيره بنفسه، أو المرأة الحائض إذا نقت من الدم ولم تغتسل، إلى غير ذلك من الأمثلة، فلو اتخذنا العناوين والمفاهيم مصبّاً للاستصحاب فهو أشبه بالقياس، ولا صلة له بالاستصحاب. وأمّا لو اتخذنا الموضوع الخارجي مصبّاً له بعد تطبيق الدليل الاجتهادي عليه، يكون من مقولة الاستصحاب، فيشار إلى الماء المحكوم بالنجاسة والمرأة المحكومة بحرمة المسّ، فيقال: هذا كان نجساً أو هذه كانت محرّمة المس فالأصل بقاؤه، و الموضوع في كلتا الحالتين هو المشار إليه بـ«هذا »الباقي في كلتا الحالتين.
هذه عصارة ما نقله سيدنا الأُستاذ عن شيخه العلاّمة الحائري في درسه الشريف، فاعلم قدره واغتنمه.
التنبهات
8 -استصحاب أحكام الشرائع السابقة
إذا ثبت حكم شرعي في إحدى الشرائع السابقة فهل يصحّ استصحابه، في الشريعة اللاحقة أو لا؟ وقبل الخوض في المقصود نقدّم بحثاً حول الشكّ في بقاء الأحكام في الشريعة الإسلامية.
إنّ الشكّ في بقاء الحكم تارة يرجع إلى الشكّ في سعة الجعل وضيقه، و أُخرى إلى الشكّ في مدخلية بعض القيود في بعض الآثار و إن كان الحكم مجعولاً إلى يوم القيامة.
أمّا الصورة الأُولى: أي الشك في سعة الجعل وضيقه فالمرجع هو إطلاق الدليل اللفظي، وإلاّ فاستصحاب عدم النسخ، فلو شككنا في سعة جعل الحلية للمتعة بعد عام الفتح، فإن كان هناك إطلاق لفظي كقوله: (فَما استَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورهُنَّ فَريضَة) (1)، فيحكم بفضل الإطلاق على بقاء الحكم، وإن لم يكن هناك إطلاق لفظي بل إجماع على الحكم لم تُعلم سعة جعله وضيقه، فيستصحب عدم النسخ.
وأمّا الصورة الثانية :أي الشكّ في مدخلية بعض القيود في فعلية الحكم و إن كان التشريع عاماً إلى يوم القيامة، فهذا ما يعبّر عنه بالشكّ في سعة المجعول في
1. النساء: 24.