واليمين على من أنكر، و كان طلب الخليفة البيّنة منه على خلاف القاعدة، ولكن لمّا ادّعى الإمام ـ عليه السلام ـ بأنّه ملك فدك في حياة رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ ، اعترف عندئذ بأنّها كانت ملكاً لرسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ وانّه نحلها له أو لبنته، فصار لازم ذلك الإقرار انقلاب الدعوى وصيرورة الإمام ـ الذي كان منكراً ـ مدّعياً والمدّعي منكراً، لأنّ الإمام يدّعي انتقال الملك إليه.
هذا كلّه مع تسليم ما رووه من أنّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ لا يورِّث، وعندئذ كان لمن تقمّص الخلافة طلب البيّنة من الإمام على الانتقال والتمليك في حال الحياة.
وقد أُجيب عنه بوجوه أوضحها: انّه إنّما يلزم الانقلاب لو كان الطرف الآخر منكراً لما يدّعيه ذو اليد، لا جاهلاً أو متردّداً، والقوم ـ حسب الظاهر ـ كانوا شاكّين ومترددين في النحل و التمليك لا مدّعين للعدم، وفي مثل ذلك يكون الاستيلاء حجّة ممضاة عند العقلاء والشرع، وليست قضيته مثل ما إذا كان الآخر منكراً للانتقال وذو اليد مدّعياً له .
المقام العاشر
مستثنيات قاعدة اليد
قد مرّ سابقاً انّ اعتماد العقلاء على الاستيلاء لأجل انّ الطابَع الغالب عليه هو الملكية، فعلى ذلك فلو كان هناك مورد أو موارد كان الطابَع الغالب عليه هو عدم الملكية، فلا يحتج بهذا الاستيلاء سواء كان استيلاؤه عليه بلا سبب مشروع أو عن سبب مشروع، فالأوّل كيد السارق و الغاصب والمتهم في أمواله، فانّ الغالب على أموالهم هو عدم الملكية، فلا يعد ما تحت أيديهم عند الشكّ ملكاً لهم.