الوجود بعد العدم، وما هذا شأنه لا يتصوّر فيه البقاء، والليل والنهار من الأُمور ذات الأجزاء كلّجزء، يعد جزء من الكل والأجزاء سنخها الوجود بعد عدم الجز ءالمتقدم، ومثل هذا لا يتصور له البقاء. وقد أجاب عنه شيخ مشايخنا العلاّمة الحائري ـ قدَّس سرَّه ـ : بأنّه يكفي في الاستصحاب، اليقين بالشيء، والشكّ فيه، ولم يرد في الأدلة عنوان البقاء فعدم صدقه غير مخلّ بجريانه. يلاحظ عليه: أنّه وإن لم يرد عنوان الشكّ في البقاء في لسان الأدلّة لكنّه لازم إمكان اجتماع اليقين والشكّ في زمان واحد، وذلك بتعلّق اليقين بالحدوث، والشكّ بالبقاء، ولولا هذا القيد لامتنع اجتماعهما فيه ضرورة انتقاض اليقين بالشكّ، فهو مدلول التزامي لاجتماعهما وعدم انتقاض الأوّل بالثاني. والتحقيق أن يقال: المراد من البقاء هو البقاء لدى العرف الذي هو المخاطب بهذه الخطابات لا البقاء العقلي، ولو كان الميزان هو الثاني، لما صدق إلاّ في مورد نادر، وعلى ذلك، فالليل والنهار موجود شخصي، لهما حالات كأوّله ووسطه ونهايته، كالإنسان الذي تطرأ عليه حالات مثل الصبا والشباب و الكبر، فكما أنّ لكلّ فرد من أفراد الإنسان بقاءً وإن كبر وشابَ أو شاخ، فهكذا للنهار والليل بقاء، وإن وصلا إلى القمة. والذي يصحّح صدق البقاء، هو اتصال الأجزاء وتلاصقها الذي يجعل الأجزاء المتلاحقة، كشيء واحد، ويشك الإنسان في طوله وقصره، والقائل بعدم البقاء يصب النظر إلى كلّ جزء من الزمان مستقلاً عن الجزء الآخر، ويغفل عن أنّ ملاك صدق البقاء هو تلاصق الأجزاء وتلاحمها على وجه يعد جميع البعد الزماني كالبعد المكاني شيئاً واحداً.