الموضع الأوّل، والمتكّفل لبيان حكم الشبهة الحكمية هوالموضع الثالث، ولقد قدّم المحقّق الخراساني البحث في الزمانيات(الموضع الثاني) ثمّ طرح البحث في الموضع الأوّل والثالث معاً. وبذلك يعلم أنّ ذكره استصحابَ الليل والنهار عند البحث في الموضع الثاني في غير محله، لأنّه من قبيل استصحاب الزمان لا الزمانيات. وإلى ما ذكرنا (استصحاب الزمان والفعل المقيد به) ينظر قول المحقّق الخراساني: «وأمّا الفعل المقيد بالزمان فتارة يكون الشكّ في حكمه من جهة الشكّ في بقاء قيده(1) وطوراً مع القطع بانتفائه، من جهة أُخرى كما إذا احتمل أن يكون التعبد، إنّما هو بلحاظ تمام المطلوب لا أصله ومع احتماله يصحّ استصحاب الحكم بشرط آخر إذ انّ القيد ـ أي الزمان ـ ظرف لا قيد، وذلك لأنّ الأمر الوجودي المجعول إن لوحظ الزمان قيداً له (للوجوب) أو لمتعلّقه (الجلوس) بأن لوحظ وجوب الجلوس المقيد بكونه إلى الزوال شيئاً، والمقيد بكونه بعد الزوال شيئاً آخر متعلّقاً للوجوب فلا مجال لاستصحاب الوجوب للقطع بارتفاع ما علم وجوده والشكّ في حدوث ما عداه، ولذا لا يجوز الاستصحاب في صم يوم الخميس إذا شكّ في وجوب صوم يوم الجمعة، وإن لوحظ الزمان ظرفاً لوجوب الجلوس فيجري استصحاب وجوب الجلوس. فإن قلت: إنّ الزمان لا محالة يكون من قيود الموضوع وإن أُخذ ظرفاً لثبوت الحكم في دليله ضرورة دخل مثل الزمان فيما هو المناط لثبوته فلا مجال للاستصحاب لتبدّل الموضوع. قلت: العبرة في تعيين الموضوع هو العرف لا العقل، والفعل في كلا الزمانين
1. أي تكون الشبهة موضوعية، وهذا هوالموضع الأوّل حسب تقسيمنا.