لكن التمثيل به في غير محله، إذ لم يقع العنب موضوعاً للحكم في لسان النص، على ما مثّلنا، بل الوارد هو العصير العنبي إذا غلى، بأن يكون المغليّ ماء العنب، لا الماء الخارجي، و إذا صار زبيباً وجفّ ماؤه، فالمغلي هو الماء الخارجي الذي يختلط مع أجزاء الزبيب ومثله خارج عن محط النص. ففي صحيحة عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه ـ عليه السلام ـ : «كلّ عصير أصابته النار فهو حرام حتى يذهب ثلثاه و يبقى ثلثه».(1) وفي صحيحة حمّاد بن عثمان، عن أبي عبد اللّه ـ عليه السلام ـ قال: «لا يحرم العصير حتى يغلي».(2) فلم يقع العنب موضوعاً للحكم حتى يستصحب حكمه وإن صار زبيباً. ومع ذلك فالمثال غير عزيز: فلو هدم المسجد وصار شارعاً يقع الكلام في حرمة تنجيسه ووجوب ازالة نجاسته. فإن قلنا: إنّ أحكام المسجد مترتبة على ما يقال انّه مسجد بالفعل، فإذا أُزيل عنوانه، لا يترتب عليه شيء من أحكامه فيجوز تنجيسه ولا تجب إزالة نجاسته، كما يجوز جلوس الجنب والحائض فيه. وإن قلنا: إنّها مترتبة على ما كان مسجداً وإن لم يكن بالفعل كذلك، فتترتّب عليه عامة الأحكام. إنّما الكلام إذا شككنا فيما هو الموضوع فيرجع فيه إلى الأصل ومقتضاه هو حرمة التنجيس تنجيزاً، ووجوب الإزالة تعليقاً، فيقال في الأوّل كان تنجيس هذا المكان حراماً و الأصل بقاؤه، و في الثاني، كان هذا المكان ـ إذا تنجس ـ وجب تطهيره و الأصل بقاؤه، و لأجل كون الاستصحاب في الأوّل تنجيزياً وفي الثاني تعليقيّاً، ذهب المحقّق النائيني في تعليقته إلى حرمة التنجيس،
1. الوسائل: الجزء 17، الباب 2 من أبواب الأشربة المحرمة، الحديث 1 .2. الوسائل: الجزء 17، الباب 3 من أبواب الأشربة المحرمة، الحديث 1 .