المستصحِب ملتفت إلى شكّه. نعم لو ثبت كونه أصلاً تعبدياً عندهم وانّهم يعملون به لحفظ النظام، كان دليلاً على حجّية الاستصحاب، ولكنّه غير ثابت. وهناك مشكلة أُخرى وهي أنّهم إنّما يعملون به في الأُمور الحقيرة لا الخطيرة بل يتوقّفون حتى يحصل لهم الاطمئنان. وأمّا الثاني: فقد أورد عليه المحقّق الخراساني بأنّه يكفي في الردع ما دلّ في الكتاب والسنّة على النهي عن اتّباع غير العلم، أو ما دلّ على البراءة والاحتياط في مورد الشبهات. وأورد عليه المحقّق النائيني: بأنّ ما ذكره هنا ينافي ما تقدّم منه في باب حجّية الخبر الواحد حيث قال هناك: بأنّ ما دلّ من الكتاب والسنّة على النهي عن اتباع غير العلم لا يكون رادعاً لبناء العقلاء على العمل بخبر الواحد لاستلزامه الدور، ولكنّه سلّم في المقام بأنّها صالحة لردع بناء العقلاء على العمل بالاستصحاب مع أنّ بناء العقلاء على الأخذ بالحالة السابقة لو لم يكن أقوى من بنائهم على العمل بالخبر الواحد فلا أقلّمن التساوي بين المقامين. يلاحظ على هذا الإشكال: بوجود الفارق بين قول الثقة والأخذ بالحالة السابقة، فإنّ الأوّل عند العرف مساوق للعلم بمعنى الاطمئنان، وهذا بخلاف الأخذ بالحالة السابقة، إذ لا يفيد إلاّ الظن دون الاطمئنان. وعلى ضوء ذلك فلا ينتقل العرف من قوله سبحانه:(وَلا تَقْفُما لَيْسَلَكَ بِهِ عِلْمٌ) (1) إلى قول الثقة المفيد للعلم العرفي، بخلاف الاستصحاب فبما أنّه مفيد