سبق الكرّيّة على الماء كما هو اللائح من الحديث، ولا يثبت بهذا الأصل، سبقُ الكرّيّة عليها ولا تأخر الملاقاة عن الكرّيّة. وبعبارة أُخرى: الأثر مترتب على مفاد كان الناقصة«الماء الموصوف بالكرّيّة لا ينجس بالملاقاة» وأصالة عدم الملاقاة إلى حين الكرّيّة لا يثبت وصف الماء بها حين الملاقاة.(1) يلاحظ عليه: أنّ الحديث بصدد بيان انّ الكرّيّة تعصم الماء عن الانفعال، وأمّا لزوم سبقها على النجاسة فلا يستفاد من أمثال هذا التركيب. مثلاً يقال: الرطوبة تمنع من اشتعال الحطب، أو انّ الريح تمنع عن اشتعال المصباح ، فالمقصود هو بيان التضاد بينهما، لا شرطية سبق الرطوبة والريح. وعلى هذا فكما أنّ أصالة عدم الكرّيّة إلى زمان الملاقاة تستلزم الحكم بنجاسة الماء، هكذا أصالة عدم الملاقاة إلى زمان الكرّيّة تستلزم عاصمية الماء من التأثر بالملاقاة، فيتعارضان ويتساقطان، ويكون المرجع جريان قاعدة الطهارة في الماء. الفرع الرابع: إذا تطهّر عن حدث وأحدث ولم يعلم حال كلّ منهما من التقدّم والتأخّر، فيقع البحث في مقامين: أ: أن تكون الحالة السابقة على عروض الحالتين مجهولة. ب: أن تكون الحالة السابقة على عروضهما معلومة. وعلى كلّ تقدير فإمّا أن يكونا مجهولي التاريخ، أو يكون أحدهما معلوماً والآخر مجهولاً،فيقع الكلام في مقامين: