قوله:«الطواف على البيت صلاة»، فهو ناظر إلى سعة ما يدل على اشتراط الصلاة بالطهارة، للطواف، أعني قوله سبحانه: (يا أَيُّهَا الّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْديَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ) .(1) هذا إذا كان الدليل الحاكم متصرفاً في جانب الموضوع، وربما يكون متصرفاً في عقد الحمل، وهو أيضاً على صورتين: التضييق، والتوسعة. والتفصيل سيوافيك في أوّل مباحث التعادل والترجيح. وعلى جميع التقادير فحقيقة الحكومة قائمة بلسانه، وهو أن يكون ناظراً إلى دليل المحكوم على وجه لولا الدليل المحكوم لكان جعل الحاكم أمراً لغواً. ومن المعلوم أنّ هذا الشرط غير موجود في دليل البيّنة بالنسبة إلى الاستصحاب، فلا دليل، حجّيتها ناظر إلى دليل حجّية الاستصحاب، ولا هو من قبيل نفي الحكم بلسان نفي الموضوع، وليس جعل الحجّية لها لغواً ، لولا دليل الاستصحاب. فتبين أنّ تقدّم البيّنة على الاستصحاب من باب الورود. ولكن الأولى تقرير الورود بشكل آخر، وهو: انّ المراد من اليقين هو الحجة الشرعية لا اليقين المنطقي، وقد عرفت أنّالاستصحاب متقوّم بالشك أوّلاً، ووجود الحالة السابقة ثانياً، وتحديد نقض اليقين بيقين آخر، و من المعلوم أنّ رفع اليد عن الاستصحاب ليس من قبيل نقض اليقين بالشكّ، بل من قبيل نقض اليقين باليقين، أي نقض الحجّة بالحجّة، فالاستصحاب حجّة حيث لا حجة، فإذا ثبت حجّية الأمارة ، فقد حصلت الغاية، وبذلك ارتفع موضوعه، ولو كان المحقّق الخراساني سلك هذا الطريق لكان أحسن.