إنّ الصدر بصدد بيان قاعدتي الطهارة والحلية، والذيل بصدد بيان استصحابها، قال: إنّ الرواية تدل على أصلين: أحدهما: انّ الحكم الأوّلي للأشياء ظاهراً هي الطهارة إلاّ مع العلم بالنجاسة، وهذا لا تعلّق له بالاستصحاب. الثاني: انّ هذا الحكم مستمر إلى زمن العلم بالنجاسة، وهذا من موارد الاستصحاب وجزئياته. يلاحظ عليه أوّلاً: أنّ الاستصحاب عبارة عن جرّ الحكم الواقعي الثابت للموضوع بما هوهو، إلى ظرف الشكّ حتى يحصل اليقين بخلافه، لا جرّ الحكم الظاهري الثابت للموضوع بما هو مشكوك الحكم، كما في المقام، مثلاً إذا توضّأ الإنسان لصلاة الفجر يكون متوضئ واقعاً، ثمّ شكّ بعد فترة في بقاء الطهارة، يُحكم عليه بجرّ الطهارة الواقعية إلى ظرف الشك. فلو قلنا: بأنّ الصدر لبيان حكم مشكوك الطهارة والحلية، تكون الطهارة أو الحلية المجعولتان طهارة أو حلّية ظاهريّة، فلا يكون استمرارها استصحاباً وكأنّه زعم أنّ كلّ استمرار استصحاب وغفل عن أنّ الاستصحاب عبارة عن إطالة الحكم الواقعي الذي تعلّق به اليقين، إلى ظرف الشك. وثانياً: أنّ قاعدتي الطهارة والحلية كافيتان لإثبات الحكم الظاهري في الآنات المتلاحقة إلى أن يعلم خلافه ولا يحتاج إلى الاستصحاب أبداً، وذلك لأنّ كلّ شيء يكفي صرف الشك في الحكم عليه بالطهارة والحلية لغنيّ عن لحاظ السابقة وجرّها إلى الحالة اللاحقة، وهذه ضابطة كلية في الفقه، لأنّ قاعدتي الطهارة والحلية أقل مؤونة، والاستصحاب أكثر مؤونة لاحتياجه وراء الشك، إلى لحاظ الحالة السابقة وجرّها.