فالشكّ في قابلية الموجود للبقاء،لتردّده بين الفيل والبق، إلى غير ذلك من الأمثلة التكوينيّة، وعلى غرار ذلك الأحكام التشريعية، فتارة يحرز اقتضاء بقائها إلى أن يرفعها رافع كالملكيّة والطهارة والزوجية في الأُمور الجزئية فهي باقية إلى أن ترفَع بالرافع كالبيع في الملكية، والحدث في الطهارة أو الطلاق في الزوجية. وأُخرى يكون اقتضاء البقاء مشكوكاً غير محرز كالخيار المجعول للمغبون بعد علمه بالغبن، وتمكّنه من إعمال خياره، والمسامحة فيه فنشكّ في بقائه لا لأجل وجود رافع بل للشكّ في قابلية بقائه، لأنّ ملاك الخيار هو الضرر، والضرر مدفوع لجعل الخيار له في الزمان الأوّل. ولا ملاك لبقائه في الزمان الثاني والثالث. إلى غير ذلك من الأمثلة الشرعية، ولو أردنا أن نذكر ضابطة لكلا القسمين، فنقول: كلّ حكم أو موضوع لو ترك لبقي إلى أن يرفعه الرافع، فلو شكّ في وجود الرافع فهو من قبيل الشكّ في الرافع، وكلّ حكم أو موضوع لو ترك لانتهى بنفسه، وإن لم يكن هناك رافع، فلو شكّ فيه فهو من قبيل الشكّ في المقتضي، إذا عرفت ذلك فقد ذهب الشيخ إلى عدم الحجّية بوجهين: الوجه الأوّل: الاستدلال بمادة النقض في قوله: «لا تنقض» فإنّ النقض حقيقة في رفع الهيئة الاتصالية، فيقال نقضت الحبل، قال سبحانه: (وَلا تَكُونُوا كَالّتي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّة أَنكاثاً) .(1) فإذا كان هذا هو المعنى الحقيقي فهو غير متوفر في مورد اليقين والشكّ، ويكون ممّا يتعذر فيه المعنى الحقيقي، فلابدّ أن يقوم مقامه المعنى المجازي، وله معنيان مجازيّان أحدهما أقرب إلى الحقيقة (رفع الهيئة الاتصالية) والآخر أبعد عنها أي مطلق رفع اليد عن الشيء.