مصباح الفقاهة فی المعاملات جلد 1
لطفا منتظر باشید ...
و من هنا أيضا أطلق السحر على البيان الجيد ( 1 ) بلحاظ المدح و الذم ، فانه يصرف حواس الحاضرين و آذان السامعين إلى المتكلم .و بهذا الاعتبار أيضا أطلق السحر على تمويه الفضة بالذهب .و على الجملة إن الناظر إلى كلمات أهل اللغة و موارد الاستعمال يقطع بأن السحر ليست له حقيقة واقعية ، و إنما هو ما ذكرناه ، و من جميع ما تقدم ظهر ما هو المراد من الاخبار المتظافرة الدالة على حرمة السحر و قد ذكرنا بعضها في الهامش .و أما ما ذكره في القاموس من أن السحر ما لطف مأخذه ودق فانه و إن انطبق على ما ذكرناه ، لان صرف الشيء عن وجهه على سبيل التموية له مأخذ دقيق جدا ، إلا أنه تعريف بالاعم ، فان الامور التي يلطف مأخذها و هي ليست من السحر في شيء كثيرة جدا ، كالقوى الكهربائية ، و الراديوات ، و الطائرات ، و بعض أقسام ادوات الحرب ، و غير ذلك مما لا يعرفه أكثر الناس ، خصوصا الصناعات المستحدثة .و قد ظهر مما ذكرناه الفرق بين السحر و بين المعجزة و الشعوذة ، فانك قد عرفت في البحث عن حرمة التصوير ( 2 ) إجمالا أن الاعجاز أمر حقيقي له واقعية ، إلا أنه جار على السير الطبيعي ، بل هو أمر دفعي خارق للعادة ، و اما المقدمات الطبيعية فكلها مطوية فيه ، كجعل الحبوب أشجارا و زروعا ، و الاحجار لؤلؤا و يواقيت دفعة واحدة ، و منه صيرورة عضا موسى " ع " ثعبانا ، و صيرورة الاسد المنقوش على البساط حيوانا مفترسا بأمر الامام عليه السلام في مجلس الخليفة ، و قد تقدم ذلك في المبحث المذكور ، و اما السحر فقد عرفت انه ليست لها حقيقة واقعية أصلا .