مصباح الفقاهة فی المعاملات جلد 1
لطفا منتظر باشید ...
( لا يقال ) انه لا مناص عن تقييد حرمة البيع بقصد ترتب الاثر المحرم عليه فان من الجائز قطعا إعطاء الدرهم للخمار و أخذ خمره للاهراق مثلا .( فانه يقال ) ان ذلك و إن كان جائزا إلا انه لا يرتبط بأصل المعاملة بل هو من أنحاء النهي عن المنكر و قطع مادة الفساد .و الذي يقتضيه النظر الدقيق ان ما يكون موضوعا لحلية البيع بعينه يكون موضوعا لحرمته ، بيان ذلك ان البيع ليس عبارة عن الانشاء الساذج سواء كان الانشاء بمعنى إيجاد المعنى باللفظ كما هو المعروف بين الاصوليين أم كان بمعنى اظهار ما في النفس من الاعتبار كما هو المختار عندنا و إلا لزم تحقق البيع بلفظ بعت خاليا عن القصد ، و لا ان البيع عبارة عن مجرد الاعتبار النفساني من دون أن يكون له مظهر و إلا لزم صدق البايع على من اعتبر ملكية ماله لشخص آخر في مقابل الثمن و ان لم يظهرها بمظهر كما يلزم حصول ملكية ذلك المال للمشتري بذاك الاعتبار الساذج الخالي من المبرز ، بل حقيقة البيع عبارة عن المجموع المركب من ذلك الاعتبار النفساني مع إظهاره بمبرز خارجي سواء تعلق به الامضاء من الشرع و العرف أم لم يتعلق بل سواء كان في العالم شرع و عرف أم لم يكن ، و إذن فذلك المعنى هو الذي يكون موضوعا لحرمة البيع و هو الذي يكون موضوعا لحليته و هكذا الكلام في سائر المعاملات كما حققناه في الاصول و سيأتي التعرض له في أول البيع ان شاء الله .( قوله : فهو متفرع على فساد البيع .أقول ) بعد أن أثبتنا ان موضوع الحلية و الحرمة في المعاملات شيء واحد و ان ترتب الاثر على المعاملة من النقل و الانتقال أو ذلك خارج عن حقيقتها ، و بعد أن أوضحنا عند التكلم في الروايات العامة المتقدمة ان الحرمة التكليفية لا تستلزم الحرمة الوضعية ظهر لك بطلان ما ذهب اليه المشهور من ان حرمة المعاملة تستلزم فسادها ، كما ظهر بطلان ما نسب إلى أبي حنيفة من ان حرمة المعاملة تستلزم صحتها ، و انه لا بد في إثبات صحتها و فسادها من التماس دليل آخر ما دل على الحرمة التكليفية و قد أوضحناه في الاصول ، و تترتب على ذلك ثمرات مهمة في المباحث الآتية .( قوله : اما لو قصد الاثر المحلل .أقول ) قد بينا ان البيع المحرم لا يخرج بقصد الاثر المحلل عن الحرمة المتعلقة به بعنوان البيع ، و ان قصد الاثر المحرم لا يكون مأخوذا في موضوع تحريم البيع فلا مجال لدعوى انه لو قصد الاثر المحلل فلا دليل على تحريم العاملة ، نعم لو قصد حليته شرعا مع كونه محرما لتوجه عليه التحريم من جهة التشريع ايضا كما ان الامر كذلك في سائر المحرمات المعلومة إذا أتى بها بعنوان الاباحة .