مصباح الفقاهة فی المعاملات جلد 1
لطفا منتظر باشید ...
على وجوب الوفاء به .أقول : الروايات الواردة في هذا المقام كثيرة جدا ، وكلها ظاهرة في ووب الوفاء بالوعد ، و حرمة مخالفته ، و لم نجد منها ما يكون ظاهرا في الاستحباب .و لكن خلف الوعد حيث كان يعم به البلوى لجميع الطبقات في جميع الازمان ، فلو كان حراما لاشتهر بين الفقهاء كاشتهار سائر المحرمات بينهم ، مع ما عرفت من كثرة الروايات في ذلك ، و كونها بمرأى منهم و مسمع ، و مع ذلك كله فقد أفتوا باستحباب الوفاء به و كراهة مخالفته حتى المحدثين منهم كصاحبي الوسائل و المستدرك و غيرهما مع جمودهم على ظهور الروايات ، و ذلك يدلنا على أنهم أطلعوا في هذه الروايات على قرينة الاستحباب ، فأعرضوا عن ظاهرها .و لكنا قد حققنا في علم الاصول أن إعراض المشهور عن العمل بالرواية الصحيحة لا يوجب وهنها ، كما أن عملهم بالرواية الضعيفة لا يوجب اعتبارها ، إلا إذا رجع إعراضهم إلى تضعيف الرواية ، و رجع عملهم إلى توثيقها .و إذن فلا وجه لرفع اليد عن ظهور الروايات المذكورة على كثرتها ، و حملها على الاستحباب .و لكن الذي يسهل الخطب ان السيرة القطعية بين المتشرعة قائمة على جواز خلف الوعد ، و على عدم معاملة من أخلف بوعده معاملة الفساق .و لم نعهد من أعاظم الاصحاب ان ينكروا على مخالفة الودع كانكارهم على مخالفة الواجب و ارتكاب الحرام ، فهذه السيرة القطعية تكون قرينة على حمل الاخبار المذكورة على استحباب الوفاء بالوعد ، و كراهة مخالفته نعم الوفاء به و الجري على طبقه من مهمات الجهات الاخلاقية ، بل ربما توجب مخالفته سقوط الشخص عن الاعتبار في الانظار ، لحكم العقل على مرجوحيته .و مع ذلك كله فرفع اليد عن ظهور الروايات ، و حملها على الاستحباب يحتاج إلى الجرأة و الاوفق بالاحتياط هو الوفاء بالوعد .و قد يستدل على الحرمة ايضا بقوله تعالى ( 1 ) : ( لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولون ما لا تفعلون ) .حيث قيل ( 2 ) : ( كبر ان تعدوا من أنفسكم ما لا تفون