مصباح الفقاهة فی المعاملات جلد 1
لطفا منتظر باشید ...
الاثبات ، و لا يمكن المصير اليه بدون دليل و قرينة ، و إذن فيتعين الاحتمال الثالث .و هذا الكلام بعينه جار في القضايا المشروطة من الجمل الخبرية أيضا ، فان إرجاع القيد فيها إلى نفس الاخبار : أي الالفاظ المظهرة للدعاوي النفسانية معقول ، لتحققه بمجرد التكلم بالقضية الشرطية ، و لا يعقل بعد ذلك أن تكون موقوفة على حصول قيد أو شرط .و اما إرجاعه إلى متعلق الخبر و هو و إن كان سائغا في نفسه ، و لكنه خلاف ظاهر القضايا الشرطية .وح فيتعين إرجاعه إلى المخبر به ، و هو الدعاوي النفسانية ، مثلا إذا قال أحد : إن كانت الشمس طالعة فالنهار موجود ، فان معناه ان دعوى تحقق النهار مقيدة بطلوع الشمس ، و مع عدم طلوعها فالدعوى منتفية .و عليه فتقدير الآية ( بل فعله كبيرهم إن نطقوا فاسألوهم ) فقد علقت الدعوي على نطق كبيرهم ، و لما استحال نطقه انتفت الدعوي ، فلا تكون كاذبة ، و نظير ذلك قولك : فلان صادق فيما يقول إن لم يكن فوقنا سماء ، و كقولك ايضا : لا اعتقد إلا ها إن كان له شريك ، و لا اعتقد خليفة للرسول صلى الله عليه و آله إن لم يكن منصوبا من الله .هذا فاغتنم .و يؤيد ما ذكرناه خبر الاحتجاج ( 1 ) عن الصادق " ع " إنه قال : ( ما فعله كبيرهم و ما كذب إبراهيم ، قيل : و كيف ذلك ؟ فقال : إنما قال إبراهيم : إن كانوا ينطقون ، فان نطقوا فكبيرهم فعل و إن لم ينطقوا فلم يفعل كبيرهم شيئا فما نطقوا و ما كذب إبراهيم ) .و قد ذكر المفسرون وجوها لتفسير الآية ( 2 ) فراجع .و أما رمي قول إبراهيم : ( إنى سقيم ) بالكذب فجوابه ان المراد به كونه سقيما في دينه اي مرتادا و طالبا في دينه .و يؤيده ما في خبر الاحتجاج المتقدم عن الصادق " ع " من قوله ( ما كان إبراهيم سقيما و ما كذب و إنما عني سقيما في دينه : اي مرتادا ) .و معنى المرتاد في اللغة هو الطلب و الميل : اي إني طالب في ديني و مجد لتحصيل الاعتقاد بالمبدأ و المعاد ، فقد خيل بذلك إلى عبدة الاصنام والنجوم انه مريض لا يقدر على التكلم ، فتولوا عنه مدبرين ، و أخروا المحاكمة إلى وقت آخر ، و للعلماء فيه وجوه اخرى قد ذكرها المفسرون في تفاسيرهم .و أما رمي قول يوسف " ع " : ( أيتها العير انكم لسارقون ) بالكذب فقد ذكروا في الجواب عنه وجوها : أظهرها انالمؤذن لم يقل : أيتها العير انكم لسرقتم صواع الملك ، بل قال : انكم لسارقون ، و لعل مراده انكم سرقتم يوسف من ابيه ، الا ترى انهم لما سألوا :