مصباح الفقاهة فی المعاملات جلد 1
لطفا منتظر باشید ...
أخبر من يأتيه يسأله عن الشيء يسرق أو شبه ذلك فنسأله ؟ فقال : قال رسول الله صلى الله عليه و آله : من مشى إلى ساحر أو كاهن أو كذاب يصدقه فيما يقول فقد كفر بما أنزل الله من كتاب ) بدعوى أن الاخبار عن الغائبات على سبيل الجزم محرم مطلقا ، سواء أ كان بالكهانة أم بغيرها ، لانه " ع " حصر المخبر بالشيء الغائب بالساحر و الكاهن و الكذاب ، و جعل الكل حراما .و فيه أولا : أن الرواية بقرينة السوأل ظاهرة في الاخبار عن الامور الماضية من السرقة و الضالة و نحوها ، و لا اشكال في جواز الاخبار عن الامور الماضية إذا كان المخبر جازما بوقوعها ، و إنما الكلام في الاخبار على سبيل الجزم عن الحوادث الآتية ، فمورد الرواية أجنبي عن محل الكلام .و ثانيا : لا دلالة في الرواية على انحصار المخبر عن الامور المغيبة بالكاهن و الساحر و الكذاب ، بل الظاهر منها أن الاخبار المحرم منحصر بإخبار هذه الطوائف الثلاث .فالإِمام " ع " بين ضابطة حرمة الاخبار عن الغائبات ، و نظيره ما إذا سئل أحد عن حرمة شرب العصير التمري ؟ فأجاب بأن الحرام من المشروبات إنما هو الخمر و النبيذ و العصير العنبي إذا غلى ، فان هذا الجواب لا يدل على حصر جميع المشروبات بالمحرم ، و إنما يدل على حصر المشروبات المحرمة بالامور المذكورة .و إن فلا دلالة في الرواية على حرمة مطلق الاخبار عن الامور المستقبلة و لو من الكاهن و الساحر و الكذاب .و ثالثا : أن غاية ما تدل عليه الرواية ان تصديق المخبر في إخباره حرام ، لانه حجة و أما حرمة إخبار المخبر فلا تدل الرواية على حرمته ، كما هو الحال في إخبار الفاسق و غيره فيما لا يكون قوله حجة .الثاني : قوله " ع " في حديث المناهي المتقدم في الهامش : ( إنه نهى عن إتيان العراف و قال : من أتاه و صدقه فقد بري مما أنزل الله على محمد " ص " ) .بدعوى ان المخبر عن الغائبات في المستقبل كاهن و يختص بإسم العراف .و فيه أولا : أنه ضعيف السند .و ثانيا : أن اتيان العراف كناية عن العمل بقوله ، و ترتيب الاثر عليه ، كما عرفته آنفا ، فلا دلالة فيه على حرمة الاخبار عن الامور المستقبلة بأي نحو كان .الثالث : قوله " ع " : في بعض الاحاديث ( 1 ) : ( لئلا يقع في الارض سبب يشاكل الوحي الخ ) .فان الاخبار عن الغائبات و الكائنات في مستقبل الزمان من الامور تشاكل الوحي