مصباح الفقاهة فی المعاملات جلد 1
لطفا منتظر باشید ...
ثم إنه لا فارق فيما ذكرناه بين كونهما تعبد بين ، و كونهما توصليين ، و قد اتضح من ذلك كله انه لا جدوى لتطويل الكلام في تحقيق الواجبين التخييري و الكفائي ، كما فعله بعض مشائخنا المحققين و غيره .و قد يقال : إن الخصوصيات الفردية و إن لم تكن واجبة بالاصالة على الفرض ، إلا أنها واجبة بوجوب تبعي مقدمي ، فيكون أخذ الاجرة عليها من قبيل أخذ الاجرة على الواجب و فيه أنا قد حققنا في علم الاصول ان وجوب المقدمة إنما هو وجوب عقلي ، فلا يقاس بالوجوب الشرعي ، و يضاف إلى ذلك ان مقدمية الفرد للكلي ليست من المقدمية المصطلحة كما هو واضح .و أما الواجب العيني فان كان مصب الاجارة او الجعالة فيه الخصوصية الفردية صح ذلك بلا شبهة ، و قد تقدم نظيره في الواجبين : التخييري و الكفائي ، و إن كان مصبهما مصب الوجوب فقد علمت اختلاف فقهائنا و فقهاء العامة في حكم أخذ الاجرة على الواجب فمقتضى القاعدة هو الجواز مطلقا ، للعمومات الدالة على صحة العقود و المعاملات .و لكن اشكل عليه بوجوه : الاول : أن علم الحرفى حد ذاته ليس بمال ، و إنما يقابل بالمال لاحترام عمل المسلم ، و مع الوجوب يسقط عن الاحترام .و لكنك قد عرفت في أول الكتاب : أن أعمال كل شخص مملوكة له ملكية ذاتية تكوينية ، و له واجدية له فوق مرتبة الواجدية الاعتبارية ، و دون مرتبة الواجدية الحقيقية لمكون الموجودات ، و عليه فدعوى أن عمل الحر ليس بملك دعوى جزافية ، و لا شبهة ان هذه الاعمال المضافة إلى الحر موضع لرغبات العقلاء nو منافساتهم ، فتكون أموالا في نفسها ، و تجوز مقابلتها بالمال ، و مع الاغضاء عن ذلك فانها تكون أموالا بمجرد وقوع المعاملة عليها ، و شأنها ح شأن الكلي ، إذ الكلي قبل إضافته إلى شخص خاص لا يتصف بالمملوكية و المالية كلتيهما ، و إذا اضيف اليه و لو حين قوله بعتك منا من الحنطة مثلا اتصف الكلي بالمالية و الملكية ، و من هنا يجوز بيع الكلي في الذمة ، ويحكم بضمان عمل الحر إذا فوته أحد بعد أن ملكه الغير بالاجارة و غيرها .الثاني : ما ذكره المصنف من أن عمل الحر و إن كان ما لا ، و لكن الانسان إذا تكلف بذلك العمل من قبل الشارع فقد زال احترامه ، لان عامله مقهور على إيجاده ، فيكون أخذ الاجرة عليه أكلا للمال بالباطل .و فيه أولا : أن آية النهي عن أكل المال بالباطل غريبة عن شرائط العوضين ،