شرح نهج البلاغه نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
ثم قال القرآن آمر زاجر اى فيه امر و زجر، كما يقال: ليله قائم و.صائم.و القرآن صامت ناطق اى مع كونه صامتا ينطق بالحكمه، و هو البرهان من الله على المخلوقين.و قد اخذ الله على المكلفين منهم عهدا و ميثاقا بما نصب لهم من المعجزات الداله على نبوه محمد صلى الله عليه و آله، فذكر محمد ان حلال القرآن حلال و حرامه حرام، فكانه تعالى اخذ ميثاقا علينا بان نعمل بذلك، و اخذ نفوسنا رهنا على ذلك.و المرتهن: الذى ياخذ الرهن.و لم يخف: اى لم يستر رسول الله عنكم شيئا من امر الدين، فاما بينه و اما نصب لكم عليه دليلا قاطعا.و العلم: العلامه و الجبل و الرايه.و البادى: الظاهر.و الايه المحكمه: التى لا تحتمل من التاويل الا وجها واحدا، فمتى سمعها من عرف طريقه الخطاب ممن علم العربيه و علم القرائن امكنه ان يستدل فى الحال على ما يدل عليه، و ليس كذلك المتشابه لانه و ان كان من العلماء باللغه فانه يحتاج عند سماعه الى فكر مبتدا او نظر مجدد ليحمله على الوجه الذى يطابق المحكم او دليل العقل.و قوله و اعلموا انه لن يرضى عنكم بشى ء سخطه على من كان قبلكم و لن يسخط عليكم بشى ء رضيه ممن كان قبلكم فالسخط هو ان تكره الفعل من غيرك فيقع ما كرهته منه، و الرضا يذكر بمعنى انه اكتفى بفعله و حمده عليه.فعلى هذا يكون يسقط كل سوال يورد عليه، لان كل من فعل ما امره الله به كان تعالى عنه راضيا، و كل من ارتكب ما نهاه الله فقد سخط الله عليه، سواء كان فى اول الدهر او فى وسطه او فى آخره، و سواء كان ذلك الواجب عقليا او سمعيا لما كان عالما به او متمكنا منه، و لم يكن ملجا و لا مكرها.فان قيل: اليس قد رضى الله عن امه موسى و غيرهم من المتقدمين بافعال، ان فعلها الواحد منا سخط الله عليه.قلنا: قد احترزنا عن هذا بما ذكرناه من حد الرضا و السخط.ثم الذى يامر الله به من الواجبات و ما ينهى عنه من المقبحات على ضربين: احدهما عقلى، و الاخر سمعى.فالعقليات لا تختلف بحال من الاحوال، فان الواجبات العقليه ما امر بها قط، و القبائح العقليه ما نهى الله عنها ابدا.فاما الواجبات السمعيه و المقبحات الشرعيه فانها تختلف باختلاف المكلفين او اختلاف اوقاتهم و احوالهم، لان ما كان مصلحه لزيد امس من الشرعى يجوز ان يكون مفسده له غدا او لغ
يره، فاذا امر الله العباد بمصالحهم و نهاهم من مفاسدهم فانه تعالى يرضى عن العبد باتباعه مصلحته التى امره الله بها، و يسخط على عبد يرتكب مفسدته التى نهاه الله عنها.فالسوال ساقط على كل وجه.و قيل: يعنى الرضا المرضى، اى يرتضى فى المستقبل ما ارتضاه فى الماضى و يسخط ما سخطه من العقليات و اصول العبادات، اى رضا الله فيما بقى من الزمان، هو رضاه فيما مضى و السخط كذلك.فعلى هذا يبطل استحلال الخمر فى الملل المتقدمه كما يدعيه العامه، لانها تستر العقل.و قوله فى دار اصطنعها لنفسه يريدبها الجنه، اى اختارها الله لخاصه امره.و صنع فلان كذا: اى فعله، و اصطنعه اى فعله لخاصه امره.فالله تعالى غنى عن الخلقه لا يحتاج الى شى ء، فلا يجرى اصطعنها على الظاهر و انما يكون تاوليه على ما يوافق الدليل العقلى، كما اشرنا اليه من انه تعالى اختار الجنه دار الثواب للمطيعين الذين هم خواص عباده و قد وصفهم عليه اسلام.و البهجه: الحسن.و الضمير فى بهجته للعرش.و يجوز ان يكون لله، و فيه مجاز.و الرفقاء: الاصحاب.و يوشك: اى يقرب.و يرهقهم: اى يغشاهم.قال تعالى و لا يرهق وجوههم قتر و لا ذله.و يرهقهم: اى يغشيهم، و كلاهما مروى.و قال: ارهقه عسرا اى ك
لفه اياه، فمعناه و يرهقهم الاجل، اى يحمل اجل الموت عليهم شده و كلفه.و قوله فقد اصبحتم فى مثل ما سال اليه الرجعه من كان قبلكم اشاره الى قوله تعالى رب ارجعونى لعلى اعمل صالحا فيما تركت كلا انها كلمه هو قائلها و من ورائهم برزخ الى يوم يبعثون.يقول: هبوا انكم بلغتم الى تلك الحاله و طلبتم للرجعه و رددتم الى الدنيا فاعملوا الان.و الرمضاء: الرمله الحاره، فمن لم يطق عليها كيف يطيق المقام بين طابقين من نار، و الطابق: الاجر الكبير، فارسى معرب.قوله ضجيع حجر ايماء الى قوله تعالى قوا انفسكم و اهليكم نارا وقودها الناس و الحجاره قيل: انها حجاره الكبريت.و مالك: هو الملك الذى جعله الله خازن نار جهنم.و الغضب منه: اراده الانتقام من العصاه و انزال العقوبه بهم على حسب ما يامر الله به، فانه يعفل بالكفار ما يفعل الملك اذا غضب على من تحت يده.و الحطم: الكسر.و اليفن: الشيخ الكبير.و لهزه القتير: اى خالطه الشيب، يقال: لهزت القوم اى خالطتهم و دخلت بينهم، و هو ملهوز: اى اشمط.و لهزه بالرمح: اى طعنه فى صدره.و القتير: رووس المسامير و الدروع، و يقال للشيب: قتير تشبيها به.و التحمت اطواق النار بالاعناق: اى التفت و انضمت بها و بعظامها و التصقت بها و انفتلت.قوله نشبت الجوامع اى علقت الاغلال، و الجامعه: الغل لانها تجمع اليدين الى العنق.و الفسحه: السعه.و فكاك الرقاب: اى تخليصها، يقال: فككت الشى ء خلصته، و فك الرقبه اى اعتقها، و انفكت رقبته من الرق قبل ان تغلق رهائنها: اى من قبل ان لم تقدروا على تخليص رقابكم.و كان من افاعيل الجاهليه ان الراهن اذا لم يردها عليه فى الوقت الموقت ملك المرتهن الرهن، يقال: غلق الرهن اذا بقى فى يد المرتهن لا يقدر على تخليصه.و سئل ابراهيم النخعى عن غلق الرهن فقال: يقول: ان لم افتكه الى غد هو لك.و قد ابطل الله رسم الجاهليه فى ذلك و نحوه.و القل: القله.و الذل: الذله.و حسيس النار: صوتها.و اللغوب و النصب: التعب.