و قيل فى معناه: اذا عمل بالمعاصى فى ارض فاخرج منها.
ثم استثنى من ذلك فقال الا المستضعفين الذين استضعفهم المشركون من الرجال و النساء و الولدان و هم الذين يعجزون عن الهجره لاعسارهم و قله حيلتهم و لا يهتدون اى لسوء معرفتهم بالطريق طريق الخروج منها، اى لا يعرفون طريقا، فلعل الله ان يعفو عنهم فى تركهم الهجره من حيث لم يتركوها اختيارا.
و قوله و لا يقع اسم الاستضعاف على من بلغته الحجه يعنى من كان فى دار الحرب و بلغته دعوه النبى صلى الله عليه و آله يجب عليه الايمان به جمله اذا صح عنده ذلك بظهور المعجزات له و تواتر الاخبار بها، فان امكنه الخروج و التفقه فى الذين و لا يخرج فلا يكون مستضعفا، الا اذا لم يمكنه ذلك.
و قوله ان امرنا صعب مستصعب المرادبه امامته و امامه اولاده المعصومين عليهم السلام.
و صعب الامر صعوبه: صار صعبا شديدا.
و استصعب عليه الامر: اى صعب، فهو مستصعب.
فهذا ايضا لا يتعدى، و يقال: استصعبت الامر و اصعبته اى وجدته صعبا.
و الاول ا
ظهر.
و الصعب: نقيض الذلول، و لا شك ان امر امامه الاثنى عشر شديد، لان ملك الدنيا فى ايدى غيرهم و انما الناس بالملوك، و من كان اماميا فلا بدله من التقيه فى دوله الظلمه، و هذا لعمرى صعب جدا.
و متابعه المعصومين باوامرهم و نواهيهم و الاقتداء بهم فى اقوالهم و افعالهم و دياناتهم امر مستصعب ايضا، سيما فى دوله اعدائهم، و الثواب على قدر المشقه.
و قوله لا يحتمله الاعبد امتحن الله قلبه للايمان هو من قولك امتحن فلان لامر كذا و جرب له، فهو مطلع به غير و ان عنه، و المعنى انهم صبروا على احكام الايمان.
او وضع الامتحان موضع المعرفه، لان تحقق الشى ء باختياره كما يوضع الخبر موضعها، و كانه قال: عرف الله قلوبهم للايمان.
و تكون اللام متعلقه بمحذوف، و اللام هى التى فى قولك انت لهذا الامر اى كائن له و مختص به، و قال تعالى (ان الذين يغضون اصواتهم عند رسول الله اولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى) اى عاملهم معامله المختبر بما تعبدهم به من هذه العباده، فخلصوا على الاختبار كما يخلص جيد الذهب بالنار.
و لا تعى: اى لا تحفظ.
و الحديث: الخبر ياتى على القليل و الكثير، و يجمع على احاديث على غير قياس، و كانت جمع احدوثه فجعلوها جمعا للحديث.
و ا
لامين: المامون الذى يوثق به.
و الرزين: الوقور، و الرزانه: الوقار، و قد رزن فهو رزين.
و الحلم: الاناه، و الجمع احلام.
و قوله فانا بطرق السماء اعلم منى بطرق الارض هذه جمله قسميه يوكد بها جمله متقدمه، و هو قوله سلونى قبل ان تفقدونى، ثم اقسم و قال: و الله لانا بما سيكون من الامور الالهيه السماويه و انها سنقع فى الحال و الاستقبال فى الدنيا و اهليها، اعلم منى بما قد مضى و (من) كان فى الدنيا و فد وقع منذ عهد آدم عليه السلام الى زماننا هذا، و انتم تعلمون انى عالم بها، فان اهل الكتاب يسمعون منى ما هو فى كتابهم، و اذا كان على عليه السلام عالما بشرائع الانبياء قبل محمد عليه و عليهم السلام فلان يكون بشريعه نبيه اعلم فهو الاولى.
و من شجون الحديث: ان الخضر صلوات الله عليه كان يوما قاعدا مع اميرالمومنين عليه السلام فجعلا يتحاوران طويلا، فسئل على عليه السلام عما كانا فيه فقال: كنت اساله عما مضى و جعل يسالنى عما، يستقبل فيجيب كل منا بما هو اعلم به.
و قيل معناه: انما بالعلوم الشرعيه التى انزلت من طرق السماء اعلم منى من الامور الدنياويه التى تعلم من طريق المشاهده و الاختبار و هى معقوله لى، فسلونى عنها فانها مصالح و الطاف لكم.
ثم قال قبل ان تشغر برجلها فتنه اى ترفع، و هو مستعار من شغر الكلب يشغر: اذا رفع احدى رجليه ليبول.
و الخطام: الزمام.
و البعير اذا ترك خطامه و لم يكن معقولا ذهب حيث شاء و كانه عليه السلام سمى الكفر فتنه، لان الكفر فساد يظهر عند الاختبار، قال تعالى و الفتنه اشد من القتل اى شركهم بالله و برسوله اعظم من القتل فى الشهر الحرام من المسلمين.
و سمى الكفر فتنه لان الكفر يودى الى الهلاك، كما ان الفتنه تودى الى الهلاك.
و قوله و تذهب يعنى الفتنه باحلام قومها، كانه تفسير قوله بايكم المفتون، فان من اصابته فتنه يذهب ماله او عقله الا من وقى الله تعالى.