شرح نهج البلاغه نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
و الخيلاء: التكبر.و قوله فاعتبروا بما كان من فعل الله بابليس اذ احبط عمله الطويل يعنى اطيعو الله على ما امركم به و افعلوه، و انتهوا (ابتهوا) عمانهاكم الله تعالى عنه لتستحقوا الثواب على ذلك، فان لم يفعلوا عباده على وفق ما جاء به كتاب الله و سنته رسوله و فعل شيئا على سبيل البدعه و ان كان فيه مشقه عظيمه على البدن و انعام عظيم على الغير يكون بذلك محبطا، و اعتبروا بابليس الذى عبد الله سته آلاف سنه على ما ذكر عليه السلام على وفق هواه انحبط ثواب علمه، و لو اوقعه كما امر الله لاستحق به الثواب، فلما فعله على خلاف ذلك الوجه استحق العقاب وفاته ذلك الثواب و احبط هو عمله و افسده.و احبط الله ثواب عمله الذى فعله كما امر الله لاستحقه.و لا تعلق لاهل الوع
يد بهذا، لانه علق الاحباط بنفس العمل، سواء كان من فعل الله تعالى او من فعل ابليس، و هم تعلقوا فيه بالمستحق على العمل، و ذلك خلاف الظاهر.و مثل ذلك يجى ء فى مواضع من القرآن.و الاحباط من حبطت الابل اذا اكلت الخضر فنفخ بطونها، و ربما هلكت فجعل العمل محبطا اذا لم يقع مشروعا.و اصحاب الوعيد يريدون بالاحباط ان الثواب و العقاب يزيل احدهما صاحبه اذا كان اكثر منه، اى يبلطه.و ليس ذلك بصحيح، لانه لا تنافى بينهما و لا بين الطاعه و المعصيه.و اصل الاحباط فى الوضع: الابطال و الافساد و ما طرا عليه عرف و لا شرع فيجب حمل المعنى عليه.و من عبد الله تقليدا فلا يكون لاعماله ثواب، فكانه حكم تعالى بحبوطه.و روى على كبر ساعه اى اظهر الله للملائكه عند هذه الحاله ان عبادته المده الطويله كانت محبطه و الا كان الله تعالى عالما به.و من سنى الاخره حذف النون منه للاضافه، اصله سنين.و ظاهر كلامه يدل على تضاعف هذه على سنى الدنيا كثيرا.و قال تعالى فى يوم كان مقداره خمسين الف سنه قالوا: ان ذلك اشاره الى مقتضى هذه الايه.و قوله و جهده الجهيد و روى بضم الجيم و فتحها، كقوله تعالى و الذين لا يجدون الا جهدهم اى افسد مشقته العظيمه لما لم تكن مش
روعه.و الجهد: الطاقه، و الجهد: المشقه.و جهد الرجل فى كذا: اى جد فيه و بالغ.ثم حذرالناس عن الكبر، فانه اماره الكفر، و من كفر فلا يسلم عند الله، سواء كان من البشر او من غيرهم.و قوله كلا ما كان الله سبحان ليدخل الجنه بشرا بامر خرج به منها ملكا تاكيد لما تقدم.و ظاهر هذا الكلام يدل على ان ابليس كان من الملائكه، اذا صح الوجه الاول يطلب لهذا عذر، و هو ان عليا عليه السلام خاطب النس بهذا و لا يخفى ان اكثر الخلق فى كل عهد يعتقدون ان ابليس كان ملكا، و انما قال تعالى انه كان من الجن لاختفائه عن العيون، و انه تعالى ركب فيه شهوه النكاح تغليظا عليه فى التكليف و ان لم يكن ذلك فى الملائكه او لسواله بعد ان لعن، كما تغير حال هاروت و ماروت لما هبطا فى الارض، و خلق ابليس من النار و الملائكه من النور، و النار و النور سواء و القرآن يحكم بان كان ابدا كافرا و ان كان كافرا فى الاصل.و كلا للردع و الزجر و بمعنى حقا.اقسم اميرالمومنين عليه السلام و زجر عن الكبر، ثم قال: ان حكمه فى اهل السماء و اهل الارض لواحد، فالحكم مصدر حكم بينهم، اى قضى، و الحكم ايضا لحكمه من العلم ان الله كلف الملائكه و الثقلين، و حكم بذلك لوجه حسن ودلهم على م
صالحهم و مفاسدهم، فمن اطاع فله الثواب و من عصى و كفر فله العقاب.و هذا لا يتغير، اذ لا هواده بينه تعالى و بين احد.و الهواده: الصلح و الميل و الحال التى ترجى معه السلامه.ثم خوف الناس كيد الشياطين و اغوائه.و ان يعديكم محله نصب على انه بدل من عدو الله او مفعول ثان من العدوى و هو ما يعدى من جرب او غيره، و هو مجاوزته عن صاحبه الى غيره.و فى الحديث (لا عدوى) اى لا يعدى شى ء على شى ء، نهاهم عن اتباع وسواسه.