حقيقة الاستعمال
[ و بيانه : إن حقيقة الاستعمال ليس مجرد جعل اللفظ علامة لارادة المعنى ، بل جعله وجها و عنوانا له ، بل بوجه نفسه كأنه الملقى ، و لذا يسري إليه قبحه و حسنه كما لا يخفى ، و لا يكاد يمكن جعل اللفظ كذلك ، إلا لمعنى واحد ، ضرورة أن لحاظه هكذا في إرادة معنى ، ينافي لحاظه كذلك في إرادة الآخر ، حيث أن لحاظه كذلك ، لا يكاد يكون إلا بتبع لحاظ المعنى فانيا فيه ، فناء الوجه في ذي الوجه ، و العنوان في المعنون ، و معه كيف يمكن إرادة معنى آخر معه كذلك في استعمال واحد ، و مع استلزامه للحاظ آخر لحاظه كذلك في هذا الحال .]كل من المعنيين أو المعاني كما إذا لم يستعمل إلا في واحد ( 1 ) ، لا ما توهمه بعض من كونه عبارة عن استعماله في الجامع ، فان الاستعمال كذلك ليس استعمالا في الاكثر ، بل استعمال في معنى كلي و إرادة مصاديقه على فرض صحته ، و لا ما توهمه الاخر من كونه عبارة عن استعماله في المجموع من حيث المجموع ، فإنه لا شبهة في جواز الاستعمال بهذا النحو ، و المراد بالجواز هو الامكان عقلا ، إلا أنه خارج عن محل البحث على فرض صحته وضعا و عرفا .إذا عرفت ذلك فاعلم أنه تارة يقع النزاع في جوازه و إمكانه عقلا ، و اخرى في جوازه لغة و وضعا ، و ثالثة في وقوعه خارجا ، و العمدة في المقام هو النزاع في إمكانه ذاتا و عقلا ، و إلا فمع فرض عدم الامكان عقلا ، كما هو الحق ، و سيأتي بيانه ، لم يبق مجال للنزاع فيه وضعا و وقوعا ، و على فرض إمكانه عقلا لا مانع من جوازه وضعا ، و ذلك لعدم صحة ما قيل في المنع : من لزوم التجوز على قول ، بتقرير أنه استعمال لفظ موضوع للكل في الجزء ، بتوهم أنه موضوع للمعنى مع قيد الوحدة ، و في مثل هذا الاستعمال يلغى قيد الوحدة .1 - يعني بحيث يكون كل واحد منهما مدلولا مطابقيا للفظ ، لا تضمنيا كما في الصورة الثالثة .