[ و ذلك لوضوح أن الالفاظ لا تكون موضوعة إلا لنفس المعاني ، بلا ملاحظة قيد الوحدة ، و إلا لما جاز الاستعمال في الاكثر ، لان الاكثر ليس جزء المقيد بالوحدة ، بل يباينه مباينة الشيء بشرط شيء ، و الشئ بشرط لا ، كما لا يخفى ، و التثنية و الجمع و إن كانا بمنزلة التكرار في اللفظ ، إلا أن الظاهر أن اللفظ فيهما كأنه كرر و أريد من كل لفظ فرد من أفراد معناه ، لا أنه أريد منه معنى من معانيه ، فإذا قيل مثلا : ( جئني بعينين ) أريد فردان من العين الجارية ، لا العين الجارية و العين الباكية ، و التثنية و الجمع في الاعلام ، إنما هو بتأويل المفرد إلى المسمى بها ، مع أنه لو قيل بعدم التأويل ، و كفاية الاتحاد في اللفظ ، في استعمالهما حقيقة ، بحيث جاز إرادة عين جارية و عين باكية من تثنية العين حقيقة ، لما كان هذا من باب استعمال اللفظ في الاكثر ، لان هيئتهما إنما تدل على إرادة المتعدد مما يراد من مفردهما ، فيكون استعمالهما و إرادة المتعدد من معانيه ، استعمالهما في معنى واحد ، كما إذا استعملا و أريد المتعدد من معنى واحد منهما ، كما لا يخفى .]موادهما و هيئتهما لاثنين و الثلاث ، حتى يقال : إنهما في قوة التكرار ، بل يكون موادهما موضوعا للمعنى المفرد ، و هيئتهما تدل على إرادة أكثر مما يراد من لفظ المفرد ، فالتثنية و الجمع يدلان على إرادة المعنيين أو الاكثر ، لا فردين أو الاكثر من معنى واحد فافهم .و بالجملة جعل التثنية و الجمع في قوة تكرار لفظ المفرد صحيح ، للفرق بينهما و بين لفظ مفردهما في مقام التكرار بحسب المفاد و المعنى ، فان مفاد التثنية هو مفهوم الإِثنينية بالحمل الاولي ، و المراد بها الإِثنينية المتعلقة بمفاد مادة اللفظ المفرد ، و مفاد اللفظ المكرر من المفرد هو ليس الا نفس المعنى ، لكنه لما كان مفاده باعتبار تكرره و استعمال كل واحد في معنى التكرار في المعنى و تعدده ، يحمل عليه الإِثنينية بالحمل الشايع ، لا أن عنوان الإِثنينية مأخوذ في اللفظ