[ المبحث الثالث : هل الجمل الخبرية التي تستعمل في مقام الطلب و البعث - مثل : يغتسل ، و يتوضأ ، و يعيد - ظاهرة في الوجوب أو لا ؟ لتعدد المجازات فيها ، و ليس الوجوب بأقواها ، بعد تعذر حملها على معناها من الاخبار ، بثبوت النسبة و الحكاية عن وقوعها .]و الندب ، لانه معلوله ، و لا محالة يكون المعلول من سنخ علته ، و معلوم بالبداهة ان التفاوت في الطلب الحقيقي انما يكون بحسب المراتب لا بالفصول و المقارنات ، لانه ليست هناك فصول و لا مقارنات ، فافهم .و عليه فالمقارنات اللفظية و غيرها تكون كواشف عما هو الواقع من الايجاب و الندب ، و بها يستكشف عما هو الموجود في النفس من المراتب ، و هذا الوجه من أحسن الوجوه تأمل و اغتنم .إذا عرفت ذلك فاعلم ان النزاع في ان الصيغة حقيقة في الوجوب ، أو في الندب ، أو فيهما ، أو في القدر المشترك بينهما مبني على احد من الوجهين الاولين و إثباته ، و اما على الوجهين الاخيرين فلا يأتي النزاع ، و ذلك لعدم قابليتهما له ، بيان ذلك هو ان حيثية الايجاب أو الندب ان كانت من خصوصيات نفس الطلب و طبيعته ، و كان المقصود من الطلب المأخوذ في العنوان هو الانشائي منه لا الحقيقي ، يمكن ان يقع النزاع في انها موضوعة لايجاد نفس الطلب و طبيعته ، أو لايجاد خصوص قسم منه ، الايجابي ، او الندبي ، و كون الحيثية من خصوصيات نفس الطلب مبني على احد الوجهين : اما القول بان ما به الامتياز بين الايجاب و الندب هو الفصل الذي يعبر عنه بالمنع من الترك في الايجاب ، و بالاذن في الترك في الندب ، و اما القول بان ما به الامتياز عين ما به الاشتراك الذي يعبر عنه بالشدة في الايجاب و بالضعف في الندب ، و هذا بخلاف الوجهين الاخيرين ، فانه بناء على القول بان الحيثية الايجابية أو الندبية خارجة عن نفس الطلب