ثمرة القولين فى الحقيقة الشرعية
[ ثم لا يذهب عليك أنه مع هذا الاحتمال ، لا مجال لدعوى الوثوق - فضلا عن القطع - بكونها حقائق شرعية ، و لا لتوهم دلالة الوجوه التي ذكروها على ثبوتها ، لو سلم دلالتها على الثبوت لولاه ، و منه قد انقدح حال دعوى الوضع التعيني معه ، و مع الغض عنه ، فالإِنصاف أن منع حصوله في زمان الشارع في لسانه و لسان تابعية مكابرة ، نعم حصوله في خصوص لسانه ممنوع ، فتأمل .و أما الثمرة بين القولين ، فتظهر في لزوم حمل الالفاظ الواقعة في كلام الشارع بلا قرينة على معانيها اللغوية مع عدم الثبوت ، و على معانيها الشرعية على الثبوت ، فيما إذا علم تأخر الاستعمال ، و فيما إذا جهل التاريخ ، ففيه إشكال ، و أصالة تأخر الاستعمال مع معارضتها بأصالة تأخر الوضع ، لا دليل على اعتبارها تعبدا ، إلا على القول بالاصل المثبت ، و لم يثبت بناء من ]و أما الصوم ، و هو نحو آخر ، اعتبار سكون النفس عن النهوض إلى ملاذها و شهواتها ، فهو أيضا كان قبل الاسلام ، كما عن تاريخ التوراة من حكاية الامر به في الفصخ ( 1 ) ، و اليهود ملتزمون به إلى يومنا هذا ، و حكاية صوم مريم مذكورة في الكتاب الكريم ( 2 ) ، و غيره و العرب كانت تعبر عنه بالصوم ، و هكذا غيرها من ساير العبادات التي لا شبهة في وجود أمثالها في الامم السابقة بأدنى تفاوت في حقايقها ، و اختلاف تعبير في ألفاظها .1 - الفصح ( بكسر الفآء و سكون الصاد (عند النصارى : عيد تذكار قيامة المسيح عليه السلام ، و فصح اليهود : عيد تذكار خروجهم من مصر ، و هو تعريب ( فسح ) بالسين بالعبرانية ، و معناه اجتياز و عبور أو نجاة هذا العيد عند المسيحين يقع في الاحد الذي بعد البدر الاول من الربيع ، و عند اليهود يقع في يوم ) 15 ) من شهرنيسان .2 - إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا - سورة مريم : 26 .