[ و هو كما ترى .مع أنه يلزم أن لا يصدق على الخارجيات ، لامتناع صدق الكلي العقلي عليها ، حيث لا موطن له إلا الذهن ، فامتنع إمتثال مثل ( سر من البصرة ) إلا بالتجريد و إلغاء الخصوصية ، هذا مع أنه ليس لحاظ المعنى حالة لغيره في الحروف إلا كلحاظه في نفسه في الاسماء ، و كما لا يكون هذا اللحاظ معتبرا في المستعمل فيه فيها ، كذلك ذاك اللحاظ في الحروف ، كما لا يخفى .و بالجملة : ليس المعنى في كلمة ( من ) و لفظ الابتداء - مثلا - إلا ]الذهن ، الذي لا وجود له سوى نفس المتعلقات و المرتبطات ، و معلوم بأن كل موجود منها يمتنع صدقه على غيره ، و إن كان ذاك الموجود أمرا كليا كالمنشأة منها ، و المفاهيم المتصورة التي بينها ارتباطات ، مثل مفهوم الضاحك المحمول على مفهوم الانسان باعتبار الربط الاتحادي بينهما ، فان الربط الكذائي بينهما شخصي لا يصدق على الربط بين مصاديقها ، و ان كان ذلك الربط الاتحادي بين مصاديقهما مناطا لصدق اتحاد المفهومين كما لا يخفى ، و لا نعني بالخاص الا ذلك ، بعبارة اخرى الحروف انما وضعت لارائة المرتبطات ، و ليس بحذائها معنى أصلا فافهم .قوله : " و هو كما ترى " . الخ .أقول : إن الخصوصيات الزائدة على المعنى الكلي التي بها يصير الكلي جزئيا إضافيا إنما تفيده الالفاظ المتعلقات ، و هي تستعمل فيها لا الحروف ، مثلا لا يستفاد من قولنا : " سرت من البصرة إلى الكوفة " إلا الارتباط الذي إذا أردنا إفهامه مستقلا عبرنا عنه بلفظ الابتداء ، و أما كون أحد متعلقيه السير ، و الآخر البصرة ، فلا يستفاد إلا من لفظ " سرت " و " البصرة " فتكون كالاسم المقيد الذي يكون هو مستعملا في نفس معناه ، و القيد دل عليه بدال آخر .