عدم دخل القصد فى المعنى
[ الاشارة أو التخاطب لا يكاد يكون إلا الشخص أو معه ، مجازفة فتلخص مما حققناه : ان التشخص الناشي من قبل الاستعمالات ، لا يوجب تشخص المستعمل فيه ، سواء كان تشخصا خارجيا - كما في مثل أسماء الاشارة - أو ذهنيا - كما في أسماء الاجناس و الحروف و نحو هما - من ]تعجب من هذا الانسان كيف يبصر بشحم و ينطق بلحم و يسمع بعظم " ( 1 ) .و إن أراد أن الاشارة تكون إلى الكلي ، و بالاشارة يصير جزئيا ، كما هو ظاهر كلامه ، بل صريحه ، حيث إنه بصدد إثبات ان المستعمل فيه مفهوم واحد كلي ، هو مفهوم المفرد المذكر ، و الاستعمال يصيره جزئيا .ففيه أولا أن مقتضى ذلك أن تكون الاشارات الواقعة بذا إلى مفهوم المفرد المذكر ، و خلافه بديهي ، إذ لا يكون هذا المفهوم في الاشارات ملحوظا للمشير أصلا ، و معلوم أن لحاظ المشار اليه شرط في الاشارة ، نعم الاشارات تقع في امور مختلفة يكون كل واحد منها مفردا مذكرا بالحمل الشايع .و ثانيا أن الاشارة إلى المفهوم الكلي لا يصيره جزئيا ، إذ مناط تشخص الجزئيات هو الوجود على التحقيق ، و العوارض المشخصة على قول ، و الاشارة ليست شيئا منهما ، فإنها امتداد اعتباري بين المشير و المشار اليه يقصد المشير أن يلتفت اليه ذهن من يراه أو يسمع كلامه ، بل من لوازم الاشارة عدم خروج المشار اليه عن حده الذي كان عليه قبل الاشارة .إن قلت : يصير جزئيا ذهنيا ، لوجوده في ذهن المتكلم ، قبل الاشارة عليه ، و في ذهن المخاطب بعدها .1 - لعله من قبيل النقل بالمعني ، فان متن الحديث في نهج البلاغة هكذا : اعجبوا لهذا الانسان ينظر بشحم ، و يتكلم بلحم ، و يسمع بعظم ، و يتنفس من خرم ! .