[ إذا عرفت ما مهدناه ، عرفت أن المجمع حيث كان واحدا وجودا و ذاتا ، كان تعلق الامر و النهي به محالا ، و لو كان تعلقهما به بعنوانين ، لما عرفت من كون فعل المكلف بحقيقته و واقعيته الصادرة عنه ، متعلقا للاحكام لا بعناوينه الطارئة عليه ، و أن غائلة اجتماع الضدين فيه لا تكاد ترتفع بكون الاحكام تتعلق بالطبائع لا الافراد ، فإن غاية تقريبه أن يقال : إن الطبائع من حيث هي هي ، و إن كانت ليست إلا هي ، و لا تتعلق بها الاحكام الشرعية ، كالآثار ]هو انه معلوم ان الاحكام الخمسة بأسرها متضادة في مرتبة فعليتها ، لبداهة ثبوت المنافات بين البعث إلى شيء واحد في زمان ، و بين الزجر عنه في ذلك الزمان ، و معلوم ايضا ان متعلق الاحكام بأسرها انما يكون ذات المعنون الذي هو فعل المكلف لا العنوان و الاسم ، فان العنوان و الاسم انما يكون امرا انتزاعيا لا يكون بحذائه شيء خارجا سوى منشأ انتزاعه ، و معه لا يمكن ان يتعلق به الطلب و البعث حقيقة ، لعدم صلاحية العنوان مع قطع النظر عن المعنون لشيء من الحسن و القبح و المحبوبية و المبغوضية و غيرهما مما يكون ملاك الطلب و البعث و النهي و الزجر ، واخذ العنوان و وقوعه في لسان الدليل و جعله متعلقا له لا ينافي ذلك ، فان اخذ العنوان فيه و جعله متعلقا للاوامر و النواهي انما يكون باعتبار كونه حاكيا عن المعنون و مرآة له لا باعتبار نفسه .و أيضا من المعلوم ان المعنون الذي عرفت انه يكون متعلقا للامر و النهي انما يكون واحدا شخصيا ، و انه لا يتكثر المرئي و المحكي بتكثر المرأة و الحاكي ، ضرورة ان البسيط الذي ليس فيه حيث ما يصدق عليه مفاهيم الصفات الجلالية و الجمالية كالواجب تعالى ، فان تكثر صفاته لا يوجب تكثر ذاته تعالى شأنه علوا كبيرا .و أيضا الموجود بوجود واحد ليس له الا ماهية واحدة كما برهن في محله ،