كالسحور و البرود. و اما «الاستعمال» فلأنهذا المعنى مراد في صورة الاستعمال، فيكونحقيقة فيه كقوله عليه السّلام: «جعلت ليالأرض مسجدا و طهورا» و لو أراد الطاهر لميثبت له مزية. و قوله عليه السّلام: «و قدسئل عن الوضوء بماء البحر؟ فقال:
هو الطهور ماؤه، الحل ميتته» و لو لم يردكونه مطهرا لم يصلح جوابه، و لان فعولاللمبالغة و لا يتحقق هنا الا مع افادةالتطهير، و لأنهم يقولون ماء طهور، و لايقولون ثوب طهور، فلا بد من فائدة مختصةبالماء و لا تظهر الفائدة إلا مع افادةالتطهير.
و احتج الحنفي بأن فعولا تفيد المبالغة فيفائدة فاعل، كما يقال: «ضروب» و «أكول»لزيادة الضرب و الأكل و لا يفيد شيئامغايرا له، و كون الماء مطهرا مغايرالمعنى الظاهر، فلا تتناوله المبالغة، ولأنهم قد يستعملون فعولا فيما لا يفيدالتطهير، كقوله سبحانه وَ سَقاهُمْرَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً و كقولالشاعر: «عذاب الثنايا ريقهن طهور».
و الحق عندي ان وصف الطهور بالتعدي وصفمعنوي لا لفظي، لأن التعدي في الحقيقةالمطهر و قد ألحقوا طهورا به إلحاقاتوقيفيا لا قياسا، و ليس طهورا من مطهربمنزلة ضروب من ضارب، لأنك تقول: هذا ضاربزيدا كما تقول ضروب زيدا، و تقول: الماءمطهر من الحدث و لا تقول: طهور من الحدث،فاذن الوجه الذي ذكره الحنفي صحيح بالنظرالى القياس اللفظي، اما ان منع كون اللغةأو الشرع استعمله في التعدية و ان لم يكنقياسا فغير صحيح، و للطهارة أركان: الأولفي المياه.