شغلني عنك فهذا حال الاصطلام و هو نعتلازم للحضرة الإلهية مؤثر و لكل اسم إلهيمشهود فيه جمال الحق يحول بين العبد و بينتكييف الحق و يذهب بكل صورة يضبطها أويتخيلها و لهذا
قال صلّى الله عليه وسلّم ألظوا بيا ذاالجلال و الإكرام
من الإلظاظ و هو المثابرة و قرن الجلالبالإكرام و ما ورد الجلال قط في النبوياتإلا و الإكرام مصاحب له ليبقى رسم العبد ولا يذهب بعينه فالجلال الذي هو جلالالجمال يكسوك الهيبة فتهاب المقام و هوالذي يجده المحب و العارف في نفسه من تعظيمالمحبوب فيؤثر جنابه على كل شيء فإكرامالله به أنه يؤثره على كل شيء و ثم اصطلاميزول في الوقت و هو ما يرد على القلب منمشاهدة المحبوب في صورة الخيال فما دامهذا الخيال دام اصطلامه و الجلال يمحو هذهالصورة من النفس غيرة من تقييده بصورة و لهالإطلاق فيزول اصطلام تلك الصورة المقيدةبزوالها و يبقى الاصطلام اللازم الذي هوأثر الجلال في النفس فيرى المحب يكذبالصورة المتخيلة في نفسه التي تقول له أنامحبوبك و يعرض عنها إجلالا لمحبوبه أنيقيده لمعرفته بأن محبوبه لا يتقيد فلهذايحترق في نفسه حيث يريد أو يتمنى أن يضبطما لا ينضبط لينعم به و لهذا كان العلمأشرف من المحبة و به أمر الله تعالى نبيهصلّى الله عليه وسلّم أن يسأله الزيادةمنه لأنه عين الولاية الإلهية به يتولىالله عباده و به يكرمهم و به يعرفون أنه لايعرف و أما المحب إذا لم يكن عارفا فهويخلق في نفسه صورة يهيم فيها و يعشقها فماعبد و لا اشتاق إلا لمن هو تحت حيطته و لايزيله عن هذا المقام إلا المعرفة فحيرةالعارف في الجناب الإلهي أعظم الحيراتلأنه خارج عن الحصر و التقييد
تفرقت الظباء على خداش
فما يدري خداش مايصيد
فما يدري خداش مايصيد
فما يدري خداش مايصيد
فله جميع الصور و ما له صورة تقيده و لهذا
كان يقول صلّى الله عليه وسلّم اللهم زدنيفيك تحيرا
لأنه المقام الأعلى و المنظر الأجلى والمكانة الزلفى و المظهر الأزهى و الطريقةالمثلى و من هذه الحضرة صدر الإنذار فعدمالقرار و حل البوار بساحة الكفار فلم يبقستر و لا حجاب إلا مزقه و خرقه هذا المشهدالأسنى فإن الستر يقيد المستور و الحجابيحد المحجوب و لا حد لذاته و لا تقييدلجلاله فكيف يستره شيء أو تغيب له عينتَجْرِي بِأَعْيُنِنا جَزاءً لِمَنْ كانَكُفِرَ فمن قال لَيْسَ كَمِثْلِهِشَيْءٌ فقد صدق لأنه ما ثم موجود لا يغيبله عين و لا يحصره أين إلا الله فجميعالصور الحسية و المعنوية مظاهره فهوالناطق من كل صورة لا في كل صورة و هوالمنظور بكل عين و هو المسموع بكل سمع و هوالذي لم يسمع له كلام فيعقل و لا نظر إليهبصر فيحد و لا كان له مظهر فيتقيد فالهو لهلازم لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُالْحَكِيمُ يَمْحُوا و هو عين ما يمحو قالوَ يُثْبِتُ و هو عين ما يثبت فـ لَيْسَكَمِثْلِهِ شَيْءٌ في هذا الحكم و به شهدله العلم الصحيح الموهوب فعلم الدليلينفيه إذ لم يكن بيده منه و لا له تعلق بسوىصفات السلب و التنزيه و علم الكشف يثبته ويبقيه و لا يبدو له مظهرا لا و يراه فيه والعلمان صحيحان فهو لكل قوة مدركة بحسبهاليعرفها أنها ما زالت عن منصبها و أنها لمتحصل بيدها من العلم بالله إلا ما هي عليهفي نفسها فذاتها عرفت و نفسها وصفت فخرج عنالتقييد و الحدود بظهوره فيها ليكون هوالمعبود فقد قضى أن لا يعبد إلا إياه فكانتالأصنام و الأوثان مظاهر له في زعم الكفارفأطلقوا عليها اسم الإله فما عبدوا إلاالإله و هو الذي دل عليه ذلك المظهر فقضىحوائجهم و سقاهم و عاقبهم إذ لم يحترمواذلك الجناب الإلهي في هذه الصورة الجماديةفهم الأشقياء و إن أصابوا أو لم يعبدوا إلاالله فانظر إلى هذا السريان الوجودي فيهذه المظاهر كيف سعد به قوم و شقي به آخرونقال بعضهم كل ما تخيلته في نفسك أو صورهوهمك فالله بخلاف ذلك فصدق و كذب و أظهر وحجب و قال الآخر لا يكون الحق مدلولا لدليلو لا معقولا للعقول لا تحصله العقولبأفكارها و لا تستنزله المعارف بأذكارهافإذا ذكر فبه يذكر و به يفكر و يعقل فهو عقلالعقلاء و فكرة المفكرين و ذكر الذاكرين ودليل الدالين لو خرج عن شيء لم يكن و لوكان في شيء لم يكن فهذا قد أبنت لك ماأثره الاصطلام اللازم و أن العلماء همالمقربون الذين أدركوا هذا المشهد الأحمىو هذه المعرفة العظمى و من سواهم فقد نصبله علامة يعبدها و حقيقة يشهدها و هي ماانطوى عليه اعتقاده لدليل قام عنده أو قلدصاحب دليل فهو عند نفسه قد ظفر بمطلوبه واعتكف على معبوده و سكن إليه و استراح منالحيرة و كفر بما ناقض ما عنده و كفر بلا شكغيره ممن اعتقد غير معتقده فلهذا يكفر