كلا و بعضا و هكذا مناسبات الجزاء كلها لاتختل قال الله عز و جل وَ مَكَرُوا وَمَكَرَ الله و قال قالُوا (إِنَّامَعَكُمْ) إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَالله يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ و قال إِنْتَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُمِنْكُمْ كَما تَسْخَرُونَ و قال تعالىإِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا منالَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ و قال فيالجزاء فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا منالْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ ثم بين فقالهَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ ما كانُوايَفْعَلُونَ فعم بالألف و اللام و ردالفعل عليهم و قال تعالى نَسُوا اللهفَنَسِيَهُمْ و لهذا سمي جَزاءً وِفاقاً ولو لم يكن الأمر كذلك لما كان جزاء و قد ورد في المتكبرين أنهم يحشرون كأمثالالذر يطئوهم الناس بأقدامهم صغارا لهم و ذلة و لتكبرهم على أوامر اللهفالجنة خير لا شر فيها و النار شر لا خيرفيها فجميع علم المشرك و عمله و قوله الذيلو كان موحدا جوزي عليه في الجنة بحسبهيعطي ذلك الجزاء للموحد الجاهل بذلك الأمرو العلم المفرط في ذلك العمل التارك لذلكالقول و الجزاء عليه الذي لو كان مشركالحصل له في النار يعطي لذلك المشرك الذي لاحظ له في الجنة فإذا رأى المشرك ما كانيستحقه لو كان سعيدا يقول يا رب هذا ليفأين جزاء عملي الذي هذا جزاؤه فإنالأعمال بمكارم الأخلاق و التحريض عليهاالذي هو القول يقتضي جزاء حسنا وقع ممن وقعفيقول الله له لما عملت كذا و يذكر له ماعمل من مكارم الأخلاق و القول بها و العملبمواقعها قد جازيتك على ذلك بما أنعمت بهعليك من كذا و كذا فيقرر عليه جميع ماأنعمه عليه جزاء لا نعمة في خلقه المبتدأةالتي ليست بجزاء فيزنها المشرك هنالك بماقد كشف الله من علم الموازنة فيقول صدقتفيقول الله له فما نقصتك من جزائك شيئا والشرك قطع بك عن دخول دار الكرامة فتنزلفيها على موازنة هذه الأعمال و لكن أنزلعلى درجات تلك الأعمال فإن صاحبها منعهالتوحيد أن يكون من أهل هذه الدار فهذا هومن الميراث الذي بين أهل الجنة و أهل النارو نذكر الكلام في هذا الفصل في باب الجنة والنار من هذا الكتاب فهذا هو الانتقالالذي بين أهل السعادة و أهل الشقاء فإنالمؤمن هنا في عبادة و العبادة تعطيهالخشوع و الذلة و الكافر في عزة و فرحةفإذا كان في هذا اليوم يخلع عز الكافر وسروره و فرحه على المؤمن و يخلع ذل المؤمنو خشوعه الذي كان لباسه في عبادته فيالدنيا على الكافر يوم القيامة قال تعالىخاشِعِينَ من الذُّلِّ يَنْظُرُونَ منطَرْفٍ خَفِيٍّ فإن هذا النظر هو حالالذليل لا يقدر يرفع رأسه من القهر و ذلكالخشوع من الكافر يوم القيامة و الذلة والنظر المنكسر الذي لا يرفع بسببه رأسهإنما هو لله تعالى خوفا منه و هذا كان حالالمؤمن في الدنيا لخوفه من الله فـ ذلِكَيَوْمُ التَّغابُنِ حيث يرى الإنسان صفةعزه و سروره و فرحه على غيره و يرى ذل غيرهو غمه و حزنه على نفسه فَالْحُكْمُلِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ و يتضمنهذا المنزل من العلوم علم سؤال الحق عبادهالسعداء عن مراتب الأشقياء بأي اسم يسأل وعلم المناسبات و علم ما تعطيه الأفكار وعلم الكيفيات و هو على ضربين ضرب منه لايعرف إلا بالذوق و ضرب منه يدرك بالفكر وهو من باب التوسع في الخطاب لا من بابالتحقق فإن التحقق بعلم الكيفيات إنما هوذوق و لقد نبهني الولد العزيز العارف شمسالدين إسماعيل بن سودكين التوري على أمركان عندي محققا من غير الوجه الذي نبهناعليه هذا الولد ذكرناه في باب الحروف منهذا الكتاب و هو التجلي في الفعل هل يصح أولا يصح فوقتا كنت أنفيه بوجه و وقتا كنتأثبته بوجه يقتضيه و يطلبه التكليف إذ كانالتكليف بالعمل لا يمكن أن يكون من حكيمعليم يقول اعمل و افعل لمن يعلم أنه لايعمل و لا يفعل إذ لا قدرة له عليه و قد ثبتالأمر الإلهي بالعمل للعبد مثل أَقِيمُواالصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ واصْبِرُوا وَ صابِرُوا وَ رابِطُوا وجاهِدُوا فلا بد أن يكون له في المنفعل عنهتعلق من حيث الفعل فيه يسمى به فاعلا وعاملا و إذا كان هذا فبهذا القدر من النسبةيقع التجلي فيه فبهذا الطريق كنت أثبته وهو طريق مرضي في غاية الوضوح يدل أن القدرةالحادثة لها نسبة تعلق بما كلفت عمله لا بدمن ذلك و رأيت حجة المخالف واهية في غايةمن الضعف و الاختلال فلما كان يوما فاوضنيفي هذه المسألة هذا الولد إسماعيل أبوسودكين المذكور فقال لي و أي دليل أقوى علىنسبة الفعل إلى العبد و إضافته إليه والتجلي فيه إذ كان من صفته من كون الحق خلقالإنسان على صورته فلو جرد عنه الفعل لماصح أن يكون على صورته و لما قبل التخلقبالأسماء و قد صح عندكم و عند أهل الطريقبلا خلاف إن الإنسان مخلوق على السورة و قدصح التخلق بالأسماء فلم يقدر أحد أن يعرفما دخل علي من السرور بهذا التنبيه فقد