شرح نهج البلاغه (ابن ميثم بحراني) - شرح نهج البلاغه نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

شرح نهج البلاغه - نسخه متنی

ابن میثم بحرانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

شرح نهج البلاغه (ابن ميثم بحراني)

خطبه ها

خطبه 001-آغاز آفرينش آسمان و...

اقول:

اعلم ان هذه الخطبه مشتمله على مباحث عظيمه و نكت مهمه على ترتيب طبيعى فلنعقد فيها خمسه فصول. الفصل الاول فى تصديرها بذكر الله جل جلاله و تمجيده و الثناء عليه بما هو اهله و هو قوله:

الحمد لله الى قوله:

و لايستوحش لفقده. اقول:

المدح و المديح الثناء الحسن; و المدحه فعله من المدح و هى الهيئه و الحاله التى ينبغى ان يكون المدح عليها، و الاحصاء انهاء العد و الاحاطه بالمعدود يقال:

احصيت الشى ء اى انهيت عده، و هو من لواحق العدد و لذلك نسبه الى العادين، و النعماء النعمه، و هو اسم يقام مقام المصدر، و اديت حق فلان اذا قابلت احسانه باحسان مثله، و الادراك اللحقوق و النيل و الاصابه و الوصول و الوجدان، و الهمه هى العزم الجازم و الاراده يقال:

فلان بعيد الهمه اذا كانت ارادته تتعلق بعليات الامور دون محقراتها، و الغوص الحركه فى عمق الشى ء من قولهم غاص فى الماء اذا ذهب فى عمقه، و الفطن جمع فطنه و هى فى اللغه الفهم، و هو عند العلماء عباره عن جوده استعداد الذهن لتصور ما يرد عليه، وحد الشى ء منتهاه، و الحد المنع، و منه سمسى العلماء تعريف الشى ء باجزائه حدا لانه يمنع ان يدخل فى المحدود ما ليس منه او يخرج منه ما هو

منه، و النعت الصفه، و الاجل المده المضروبه للشى ء، و الفطره الشق و الابتداع قال ابن عباس:

ما كنت ادرى ما معنى قوله تعالى:

فاطر السماوات و الارض حتى جائنى اعرابيان يختصمان على بئر فقال احدهما انا فطرتها اى ابتدعتها، و الخلائق جمع خليقه و هى اما بمعنى المخلوق يقال:

هم خليقه الله و خلق الله اى مخلوقه او بمعنى الطبيعه لان الخليقه هى الطبيعه ايضا، و النشر البسط، و وتد بالفتح اى ضرب الوتد فى حائط او فى غيره، و الصخوره الحجاره العظام، و الميدان الحركه بتمايل و هو الاسم من ما ديميد ميدا و منه غصن مياد متمائل، و اعلم انا نفتقر فى بيان نظام كلامه عليه السلام فى هذا الفصل الى تقديم مقدمه فنقول:

الصفه امر يعتبره العقل لامر آخر و لايمكن ان يعقل الا باعتباره معه، و لايلزم من تصور العقل شيئا لشى ء ان يكون ذلك المتصور موجودا لذلك الشى ء فى نفس الامر بيان ذلك ما قيل فى رسم المضاف:

انه الامر الذى تعقل ماهيته بالقياس الى غيره و ليس له وجود سوى معقوليته بالقياس الى ذلك الغير، و الصفه تنقسم باعتبار العقل الى حقيقيه و اضافيه و سلبيه، و ذلك لان نسبه العقل للصفه الى غيرها اما ان يعقل معها نسبته من المنسوب اليه او لايعقل فان كان الاو

ل فهو المضاف الحقيقى و حقيقته انه المعقول بالقياس الى غير يكون بازائه يعقل له اليه نسبه و لايكون له وجود سوى معقوليته بالقياس اليه ككونه تعالى خالقا و رازقا و ربا فان حقيقه هذه الصفات هى كونها معقوله بالقياس الى مخلوقيه و مرزوقيه و مربوبيه موازيه، و ان كان الثانى فالمنسوب اليه اما ان يكون موجودا للمضاف او ليس بموجود له، و الاول هو الصفات الحقيقيه ككونه تعالى حيا فانه امر يعقل بالقياس الى صحه العلم و القدره له و ليس بازاء امر يعقل منه نسبه اليه، و الثانى هو الصفات السلبيه ككونه تعالى ليس بجسم و لا بعرض و غيرها فانها امور تعقل له بالقياس الى امور غير موجوده له تعالى ثم نقول:

انه لايلزم من اتصاف ذاته سبحانه بهذه الانواع الثلاثه من الصفات تركيب و لا كثره فى ذاته لانها اعتبارات عقليه تحدثها عقولنا عند المقائسه الى الغير و لم يلزم من ذلك ان تكون موجوده فى نفس الامرو ان لم تعقل، و لما كان داب العقلاء ان يصفوا خالقهم سبحانه بما هو اشرف طرفى النقيض لما تقرر فى عقولهم من اعظميته و مناسبه اشرف الطرفين للا عظميته كان ما وصف به تعالى من الصفات الحقيقيه و الاضافيه و السلبيه كلها كذلك، فاذا عرفت ما قلناه فاعلم انه عليه الس

لام شرع اولا فى الاعتبارات السلبيه و قدمها على الثبوتيه لدقيقه و هى انه قد ثبت فى علم السلوك الى الله ان التوحيد المحقق و الاخلاص المطلق لايتقرر الا بنقض كل ما عداه عنه و تنزيهه عى كل لاحق له و طرحه عن درجه الاعتبار و هو المسمى فى عرف المجردين و اهل العرفان بمقام التخليه و النقض و التفريق، و ما لا يتحقق الشى ء الا به كان اعتباره مقدما على اعتباره مقدما على اعتباره، و لهذا الترتيب كان اجل كلمه نطق بها فى التوحيد قولنا:

لا اله الا الله اذ كان الجزء الاول منها مشتملا على سلب كل ما عدا الحق سبحانه مستلزما لغسل درن كل شبهه لخاطر سواه، و هو مقام التنزيه و التخليه حتى اذا انزح كل ثان عن محل عرفانه استعد بجوده للتخليه بنور و جوده و هو ما اشتمل عليه الجزء الثانى من هذه الكلمه، و لما بينا انه عليه السلام كان لسان العارفين و الفاتح لاغلاق الطريق الى الواحد الحق تعالى و المعلم المرشد لكيفيه السلوك، و كانت الاوهام البشريه حاكمه بمثليته تعالى لمدركاتها و العقول قاصره عن ادراك حقيقته و الواصل الى ساحل عزته و المنزه له عما لايجوز عليه اذا امكن وجوده نادرا لم يكن للاوهام الواصفه له تعالى بما لايجوز عليه معارض فى اكثر الخلق بل

كانت جاريه على حكمها قائده لعقولها الى تلك الاحكام الباطله كالمشبهه و نحوهم لاجرم بدء عليه السلام بذكر السلب اذ كان تقديمه مستلزما لغسل درن الحكم الوهمى فى حقه تعالى عن لوح الخيال و الذكر حتى اذا اورد عقب ذلك ذكره تعالى بما هو اهله ورد على الواح صافيه من كدر الباطل فانتقشت بالحق كما قال:

فصادف قلبا خاليا فتمكنا، ثم انه عليه السلام بدء بتقديم حمد الله تعالى على الكل هيهنا و فى سائر خطبه جريا على العاده فى افتتاح الخطب و تصديرها، و سر ذلك تاديب الخلق بلزوم الثناء على الله تعالى، و الاعتراف بنعمته عند افتتاح كل خطاب لاستلزام ذلك ملاحظه حضره الجلال و الالتفات اليها عامه الاحوال و قد بيسنا ان الحمد يفيد معنى الشكر و يفيد ما هو اعم من ذلك و هو التعظيم المطلق و بجميع اقسامه مراد هيهنا لكون الكلام فى معرض التمجيد المطلق. قوله الذى لايبلغ مدحته القائلون. اقول اراد تنزيهه تعالى عن اطلاع العقول البشريه على كيفيه مدحه سبحانه كما هى، و بيان هذا الحكم ان الثناء الحسن على الشى ء انما يكون كما هو اذا كان ثناء عليه بما هو كذلك فى نفس الامر، و ذلك غير ممكن فى حق الواجب الوجود سبحانه الا بتعقل حقيقته و ما لها من صفات الجلال

و نعوت الكمال كما هى و عقول البشر قاصره عن هذا المقام فالقول و ان صدر عن المادحين بصوره المدح المتعارف بينهم و على ما هو دابهم من وصفه تعالى بما هو اشرف من طرفى النقيض فليس بكمال مدحه فى نفس الامر لعدم اطلاعهم على ما به يكون المدح الحق فى حقه تعالى و ان تصور بصوره المدح الحق و اشار الى تاديب الخلق و تنبيههم على بطلان ما تحكم به اوها مهم فى حقه تعالى من الصفات و انه ليس الامر كما حكمت به اذ قال فى موضع آخر، و قد ساله بعضهم عن التوحيد فقال:

التوحيد ان لا تتوهمه، فجعل التوحيد عباره عن سلب الحكم الوهمى فى حقه تعالى فاستلزم ذلك ان من اجرى عليه حكما و هميا فليس بموحد له على الحقيقه، و الى هذا النحو اشار الباقر محمد بن على عليه السلام مخاطبا و هل سمى عالما قادرا الا لانه وهب العلم للعلماء، و القدره للقادرين فكل ماميز تموه باوهامكم فى ادق معانيه فهو مخلوق مصنوع مثلكم مردود اليكم، و البارى تعالى واهب الحياه و مقدر الموت، و لعل النمل الصغار تتوهم ان لله تعالى زبانيين كمالها فانها تتصور ان عدمها نقصان لمن لايكونان له، فهكذا شان الخلق فيما يصفون به بارائهم فان اوهامها حاكمه له بكل ما يعدونه كمالا فى حقهم ما لم تقو عقولهم

على رد بعض تلك الاحكام الوهميه و لو لارادع الشرع كقوله عليه السلام تفكروا فى الخلق و لاتتفكروا فى الخالق لصرحوا بكثير من تلك الاحكام فى حقه سبحانه و تعالى عما يصفون، و يحتمل ان يكون المراد تنزيهه تعالى عن بلوغ العقول و الاوهام تمام الثناء الحسن عليه و احصائه اى ان العبد كان كلما بلغ مرتبه من مراتب المدح و الثناء كان ورائها اطوار من استحقاق الثناء و التعظيم اعلى كما اشار اليه سيدالمرسلين. عليه السلام بقوله:

لااحصى ثناء عليك انت كما اثنيت على نفسك، و فى تخصيصه عليه السلام القائلين دون المادحين بالذكر نوع لطف فان القائل لما كان اعم من المادح و كان سلب العام مستلزما لسلب الخاص من غير عكس كان ذكر القائلين ابلغ فى التنزيه اذا التقدير لا واحد من القائلين ببالغ مدحه الله سبحانه. قوله و لايحصى نعماوه العادون. اقول:

المراد ان جزئيات نعم الله و افرادها لايحيط بها حصر الانسان و عده لكثرتها و بيان هذا الحكم بالنقل و العقل اما النقل فقوله تعالى و ان تعدوا نعمت الله لاتحصوها و هذه الايه هى منشا هذا الحكم و مصدره، و اما العقل فلان نعم الله تعالى على العبد منها ظاهره و منها باطنه كما قال تعالى و اسبغ عليكم نعمه ظاهره و باط

نه و يكفينا فى صدق هذا الحكم التنبيه على بعض جزئيات نعم الله تعالى على العبد فنقول:

ان من جمله نعمه تعالى على الانسان ان اكرمه بملائكته و جعله مسجودا لهم و مخدوما، و جعلهم فى ذلك على مراتب فلنذكر اقربهم اليه و اخصتهم به، و هم الملائكه الذين يتو لون اصلاح بدنه و القيام بمهماته و حوائجه، و ان كانوا فى ذلك ايضا على مراتب فجعل سبحانه لهم رئيسا هو له كالوزير الناصح المشفق من شانه تمييز الاصلح و الانفع له و الامر به، و جعل بين يدى ذلك الوزير ملكا آخرا هو كالحاجب له و المتصرف بين يديه من شانه تمييز صداقه الاصدقاء للملك من عداوه الاعداء له، و جعل لذلك الحاجب ملكا خازنا يضبط عنه ما يتعرفه من الامور ليطالعها الوزير عند الحاجه، ثم جعل بين يديه ملكين آخرين احدهما ملك الغضب و هو كصاحب الشرطه موكل بالخصومات و الغلبه و البطش و الانتفام، و الثانى ملك اللذه و المتولى لمشتهيات الانسان بالطلب و الامر بالاستحضار، و بين يديه ملائكه اخرى تسعى فى تحصيل ما يامر به و يطلبه، ثم جعله سبحانه وراء هولاء سبعه اخرى من الملائكه دابهم اصلاح غذاء الانسان، فالاول موكل بجذب الغذاء الى داخل المعده اذ الغذاء لايدخل بنفسه فان الانسان لو وضع اللقمه

فى فيه و لم يكن لها جاذب لم تدخل، و الثانى موكل بحفظه فى المعده الى تمام نضجه و حصول الغرض منه، و الثالث موكل بطبخه و تنضيجه، و الرابع موكل بتفريق صفوته و خلاصته فى البدن سد البدل ما يتحلل منه، و الخامس موكل بالزياده فى القطار الجسم على التناسب الطبيعى بما يوصله اليه الرابع فهما كالبانى و المناول، و السادس موكل بفصل صوره الدم من الغذاء، و السابع الذى يتولى دفع الفضله الغير المنتفع بها عن المعده، ثم و كل تعالى خمسه اخرى فى خدمته شانهم ان يوردوا عليه الاخبار من خارج، و جعل لكل واحد منهم طريقا خاصا و فعلا خاصا به، و جعل لهم رئيسا يبعثهم و يرجعون اليه بما عملوه، و جعل لذلك الرئيس خازنا كاتبا يضبط عنه ما يصل اليه من تلك الاخبار، ثم جعل بين هذا الخازن و بين الخازن الاول ملكا قويا على التصرف و الحركه سريع الانتقال بحيث ينتقل فى اللحظه الواحده من المشرق الى المغرب و من تخوم الارض الى السماء العليا قادرا على التصرفات العجيبه، و جعله موتمرا للوزير تاره و للحاجب اخرى و هو موكل بتفتيش الخزانتين و مراجعه الخازنين باذن الوزير و واسطه الحاجب اذا اراد استعلام امر من تلك الامور، فهذه الملائكه التى خص الله تعالى بها بدنه و جع

لها اقرب الملائكه المتصرفين فى خدمته اليه، ثم ان وراء هولاء اطوارا اخر من الملائكه الارضيه كالملائكه الموكلين بانواع الحيوانات التى ينتفع بها الانسان و بها تكون مسخره له و انواع النبات و المعادن و العناصر الاربعه و الملائكه السماويه التى لايعلم عددهم الا الله سبحانه و تعالى كما قال و ما يعلم جنود ربك الا هو فان كل واحد منها موكل بفعل خاص و له مقام خاص لا يتعداه و لا يتجاوزه كما قال تعالى حكايه عنهم و ما منا الا له مقام معلوم و هم باسرهم متحركون بمصالح الانسان و منافعه من اول حياته الى حين وفاته باذن المدبر الحكيم دع ما سوى الملائكه من سائر الموجودات فى هذا العالم المشتمله على منافعه و ما افاض عليه من القوه العقليه التى هى سبب الخيرات الباقيه و النعم الدائمه التى لاتنقطع موادها و لايتناهى تعدادها فان كل ذلك فى الحقيقه نعم الهيه و مواهب ربانيه للعبد بحيث لو اختل شى ء منها لاختلت منفعته من تلك الجهه، و معلوم انه لو قطع وقته اجمع بالنظر الى آثار رحمه الله تعالى فى نوع من هذه النعم لانتها دونها فكره و قصر عنها احصاوه و حصره، و هو مع ذلك كله غافل عن شكر الله جاهل بمعرفه الله مصر على معصيه الله فحق ان يقول سبحانه و

تعالى بعد تنبيهه له على ضروب نعمه و الامتنان بها عليه و ان تعدوا نعمت الله لاتحصوها ان الانسان لظلوم كفار ظلوم لنفسه بمعصيه الله معتاد للكفر بالاء الله قتل الانسان ما اكفره ان الانسان لكفور مبين فسبحان الذى لاتحصى نعماوه و لاتستقصى آلاوه، و غايه هذا الحكم تنبيه الغافلين من مراقد الطبيعه على لزوم شكر الله سبحانه، و الاعتراف بنعمه المستلزم لدوام اخطاره بالبال. قوله و لايودى حقه المجتهدون. اقول:

هذا الحكم ظاهر الصدق من وجهين احدهما انه لما كان اداء حق النعمه هو مقابله الاحسان بجزاء مثله و ثبت فى الكلمه السابقه ان نعم الله سبحانه لاتحصى لزم من ذلك انه لايمكن مقابلتها بمثل. الثانى ان كل ما نتعاطاه من افعالنا الاختياريه مستندا الى جوار حنا و قدرتنا و ارادتنا و سائر اسباب حركاتنا و هى باسرها مستنده الى جوده و مستفاده من نعمته، و كذلك ما يصدر عنا من الشكر و الحمد و سائر العبادات نعمه فتقابل نعمه بنعمه، و روى ان هذا الخاطر خطر لداود عليه السلام و كذلك لموسى عليه السلام فقال:

يا رب كيف اشكرك و انا لااستطيع ان اشكرك الا بنعمه ثانيه من نعمك، و فى روايه اخرى و شكرى ذلك نعمه اخرى توجب على الشكر لك فاوحى الله تعالى اليه ا

ذا عرفت هذا فقد شكرتنى، و فى خبر آخر اذا عرفت ان النعم منى رضيت منك بذلك شكرا، فاما ما يقال فى العرف:

من ان فلانا مود لحق الله تعالى فليس المراد منه جزاء النعمه بل لما كانت المطلوبات لله تعالى من التكاليف الشرعيه و العقليه تسمى حقوقا له لاجرم سمى المجتهد فى الامتثال مود يا لحق الله، و ذلك الاداء فى الحقيقه من اعظم نعمه تعالى على عبده اذ كانت الامتثال و سائر اسباب السلوك الموصل الى الله تعالى كلها مستنده الى جوده و عنايته و اليه الاشاره بقوله تعالى يمنون عليك ان اسلموا قل لاتمنوا على اسلامكم بل الله يمن عليكم ان هديكم للايمان ان كنتم صادقين و ما كان فى الحقيقه نعمه الله لايكون اداء لنعمه الله و جزاء لها و ان اطلق ذلك فى العرف اذ كان من شان الحق المفهوم المتعارف بين الخلق استلزامه وجوب الجزاء و الاداء ليسارعوا الى الايتان به رغبه و رهبه فيحصل المقصود من التكليف حتى لو لم يعتقدوا انه حق لله بل هو مجرد نفع خالص لهم لم يهتموا به غايه الاهتمام اذ كانت غايته غير متصوره لهم كما هى، و قلماتهتم النفوس بامر لا تتصور غايته و منفعته خصوصا مع المشقه اللازمه فى تحمله الا بباعث قاهر من خارج. قوله الذى لايدركه بعد الهمم و لا

يناله غوص الفطن. اقول:

اسناد الغوص هيهنا الى الفطن على سبيل الاستعاره اذ الحقيقه اسناده الى الحيوان بالنسبه الى الماء و هو مستلزم لتشبيه المعقولات بالماء، و وجه الاستعاره هيهنا ان صفات الجلال و نعوت الكمال لما كانت فى عدم تناهيها و الوقوف على حقائقها و اغوارها تشبه البحر الخضم الذى لايصل السائح له الى ساحل، و لاينتهى الغائص فيه الى قرار، و كان السائح لذلك البحر و الحائض فى تياره هى الفطن الثاقبه لاجرم كانت الفطنه شبيهه بالغائص فى البحر فاسند الغوص اليها، و فى معناه الغوص فى الفكر فى النوم، و يقرب منه اسناد الادراك الى بعد الهمم اذ كان الادراك حقيقه فى لحوق جسم لجسم آخر و اضافه الغوص الى الفطن و البعد الى الهمم اضافه لمعنى الصفه بلفظ المصدر الى الموصوف، و التقدير لاتناله الفطن الغائصه و لاتدركه الهمم البعيده، و وجه الحسن فى هذه الاضافه و تقديم الصفه ان المقصود لما كان هو المبالغه فى عدم اصابه ذاته تعالى بالفطنه من حيث هى ذات غوص و بالهمه من حيث هى بعيده كانت تلك الحيثيه مقصوده بالقصد الاول، و قد بينا ان البلاغه تقتضى تقديم الاهم و المقصود الاول على ما ليس كذلك، و برهان هذا المطلوب ظاهر فان حقيقته تعالى لما كان

ت بريه عن جهات التركيبات عريه عن اختلاف الجهات مترعه عن تكثر المتكثرات، و كانت الاشياء انما تعلم بما هى من جهه حدودها المولفه من اجزائها فاذن صدق ان واجب الوجود ليس بمركب و ما ليس بمركب ليس بمدرك الحقيقه و صدق ان واجب الوجود ليس بمدرك الحقيقه فلا تدركه همه و ان بعدت و لاتناله فطنه و ان اشتدت فكل سائح فى بحار جلاله غريق فكل مدع للوصول فبانوار كبريائه حريق لا اله الا هو سبحانه و تعالى عما يقولون علوا كبيرا. قوله الذى ليس لصفته حد محدود و لانعت موجود. اقول:

المراد ليس لمطلق ما تعتبره عقولنا له من الصفات السلبيه و الاضافيه نهايه معقوله تقف عندها فيكون حدا له، و ليس لمطلق ما يوصف به ايضا وصف موجود يجمعه فيكون نعتاله و منحصرا فيه قال ابوالحسن الكندرى- رحمه الله-:

و يمكن ان يوول حد محدود على ما ياول به كلام العرب:

و لايرى الضب بها ينحجر، اى ليس بها ضب فينحجر حتى يكون المراد انه ليس له صفه فتحد اذ هو تعالى واحد من كل وجه منزه عن الكثره بوجه ما فيمتنع ان يكون له صفه تزيد على ذاته كما فى سائر الممكنات، و صفاته المعلومه ليست من ذلك فى شى ء انما هى نسب و اضافات لايوجب وصفه بها كثره فى ذاته قال:

/ 542