الاغضاء على القذى كنايه عن كظم الغيظ و احتمال المكروه و هو فضيله تحت الشجاعه. و لما كانت طبيعه الدنيا معجونه بالمكاره لم يخل الانسان فى اكثر احواله من ورودها عليه فما لم يقابلها بالاحتمال بل بالتسخط و الغضب و التبرم بها لم يزل ساخطا تاعبا بغضبه لدوام ورود المكاره عليه.
حکمت 205
استعار لفظ العود للطبيعه، و كنى بلينه عن التواضع، و كذلك استعار لفظ الاغصان للاعوان و الاتباع، و كنى بكثافتها عن اجتماعهم عليه و كثرته و قوته بهم. و المراد ان من كانت له فضيله التواضع و لين الجانب كثرت اعوانه و اتباعه و قوى باجتماعهم عليه.
حکمت 206
و اصله:ان راى الجماعه يجتمع على امر تكون المصلحه فيه فيقع من بعضهم خلاف فيه فيهدم ما اجتمعوا عليه و راوه من المصلحه. كما راى عليه السلام هو و جماعه من اصحابه عهد رفع اهل الشام المصاحف صبيحه ليله الهرير من اتمام القتال و هو المصلحه فهدم ذلك الراى من خالف فيه من اصحابه حتى وقع بذلك ما وقع.
حکمت 207
ان من نال ما يوجب الاستطاله من جاه و سلطان او مال استطال بسبب ذلك:اى كان فى مظنه ان يستطيل على غيره بما ناله. فاقام ما بالفعل مقام ما بالقوه و يصدق بالفعل ايضا. لان كلام الخطيب مطلق يصدق و لو بمره. و الكلمه تجرى مجرى المثل.
حکمت 208
اى تقلب احوال الدنيا على المرء كرفعته بعد اتضاعه و بالعكس، و كنزول الشدايد به يفيد العلم التجربى باحواله الباطنه من خير و شر و جلاده و ضعف و فضيله و رذيله. و نحوه ما قيل:الولايات مضامير الرجال.
حکمت 209
الموده الخالصه تستلزم ان يريد الانسان لمن يوده ما يريد لنفسه و يكره له ما يكره لها. و الحسد ينافى ذلك لاستلزامه اراده زوال الخير عن المحسود. فموده الحاسد اذن مدخوله غير صحيحه و هو المراد بسقمها.
حکمت 210
العقل من شانه الذى ينبغى له ان يقاوم النفس الاماره و يكسرها و يصرفها بحسب آرائه الصالحه، و من شان النفس مخادعه العقل و غروره بزينه الحياء الدنيا و قيناتها و اطماعه بها. فالعقول الضعيفه غير المويده من الله اكثر ما تنخدع و تنصرع فى حربها للنفوس الاماره اذا لاح لها مطمع و همى من الدنيا. فاستعار لفظ المصارع للعقول ملاحظه لقهرها عن النفوس و انفعالها. فاشبهت فى الذله و الانقياد لها و ترك مقاومتها من اخذ مصرعه من الحرب، و كذلك استعار لفظ البروق لما لاح من تصور المطموع فيه. و كثيرا ما تشبه العلوم و الخواطر الذهنيه بالبروق للطفه و ضيائه و سرعه حركته. و انما قال:تحت. لان المصارع من شانها ان تكون تحت
حکمت 211
اى من كان عندك ثقه معروفا بالامانه فحكمك عليه بالخيانه عن ظن خروج عن العدل و هو رذيله الجور.
حکمت 212
لان الظلم رذيله عظيمه متعديه الاذى مستلزمه للشقاء الاشقى. فهى بئس الزاد اذن. و لفظ الزاد مستعار باعتبار حمل هذه الرذيله فى جوهر النفس الى الاخره كالزاد
حکمت 213
اى تغافله و اغضاوه عما يعلم من معائب الناس و من هفواتهم. لاستلزام ذلك فضايل كاحتمال المكروه و الحلم و العفو و الصفح. و كلها فضائل يلزم الكرم لانه قد يراد به امساك الانسان عن المبادره الى قضاء وطر الغضب فيمن يغضبه و ما استلزم هذه الفضايل فهو من اشرف الافعال.