الجهاد باليد و اللسان و القلب هو انكار المنكر بها. و انما كان باليد اول مغلوب عليه لان الغرض الاول للعدو ازاله سلطان اليد و مقاومته فاذا تمكن من ذلك كان زوال سلطان اللسان سهلا. فان قلت:لم قال:ثم بقلوبكم. و معلوم ان القلب لا يطلع عليه العدو و لا يتمكن من ازاله الجهاد به؟. قلت:اراد انهم اذا غلبوا على الجهاد باليد و اللسان و طالت المده عليهم القوا المنكر و تكرر على سمعهم و ابصارهم و قلوبهم فلم يبق انكاره و هو معنى غلبهم عليه. و قوله:فمن لم يعرف بقلبه الى آخره. نفر عن ترك الخصلتين بما يلزمه من قلب اعلى التارك اسفله، و استعار لفظ القلب للانتكاس فى مهاوى الردائل و دركات الجحيم. و انما خصص انكار القلب بذلك لامكانه فى كل وقت و خلوه عن المضار المخوفه التى يخشى فى الانكار باليد و اللسان.
حکمت 368
استعار للحق وصف الثقل باعتبار صعوبته على من يكون عليه و فيوخذ منه، و لفظ المرى ء باعتبار استلزامه للراحه فى الاخره. و للباطل وصف الخفه باعتبار سهولته على اهله، و لفظ الوبى ء باعتبار استلزامه لاهلاكهم فى الاخره.
حکمت 369
ادب السامع بهذين الادبين محتجا بعموم الايتين، و لفظ المكر مستعار لامهال الله، ثم اخذه فهو فى صوره المكر و الخداع. و المراد ظاهر.
حکمت 370
البخل:رذيله التفريط من فضيله السخاء و هى مستلزمه للجهل لان البخيل غير عالم بوضع المال موضعه، و للفجور لعبوره فى شهوته و محبته للدنيا الى طرف الافراط فيها، و للجبين لان من بخل بماله فهو بنفسه ابخل، و للانظلام و الظلم لقصوره عن فضيله العدل فى ماله، ثم للحرص و الحسد و الشره و دناءه الهمه و الكذب و الغدر و الخيانه و قطع الرحم و عدم المواساه. و كل طرف تفريط لفضيله من الفضايل فانه من توابع البخل و لواحقه و هى مساوى العيوب التى اخبر عن استجماعه لها، و انه زمام الى كل منها. و استعار له لفظ الزمام باعتبار انه يدعو الى هذه المساوى و يقود اليها كالزمام.
حکمت 371
قال الرضى:و قد مضى هذا الكلام فيما تقدم من هذا الباب، الا انه ههنا اوضح و اشرح، فلذلك كررناه على القاعده المقرره فى اول الكتاب. و اقول:قد مضى تفسير اكثر هذا الكلام. و غرضه التنفير عن الاهتمام بالدنيا و الاشتغال بما يرجى منها عن ذكر الله و طاعته. و نهاه ان يحمل هم السنه على هم اليوم لئلا يحتمع عليه احزان متضاعفه يكفى واحد منها شغلا. و احتج لذلك بضميرين صغرى الاول:قوله:فان يكن السنه و تقديرها ان سنتك التى تهتم لها اما ان يكون من عمرك او ليس، و تقدير الكبرى:و كلما كان على هذين التقديرين فلا ينبغى الاهتمام به اما على التقدير الاول فان الله يوتيك فى كل يوم منها ما قسم لك لا محاله و ما لابد منه لا يجوز الاهتمام به، و اما على التقدير الثانى فلانه ليس من العقل ان يهتم المرء بما ليس له. و صغرى الثانى:و قوله:و لن يسبقك الى قوله:قدر لك. و تقديرها ان رزقك لن يسبقك اليه طالب، و تقدير الكبرى و كلما كان كذلك فلا ينبغى ان يهتم به.
حکمت 372
و غرض الكلمه التنبيه من رقده الغفله عن الموت لغايه العمل و لما بعده. و المعنى ظاهر.
حکمت 373
الوثاق:الحبل، و امر بخزن اللسان عما لا ينبغى من القول و فى غير موضعه و شبه خزنه بخزن الذهب، و وجه الشبه شده الخزن. و نفر عن قول ما لا ينبغى بضميرين صغرى احدهما:قوله:الكلام. الى قوله:وثاقه، و تقدير الكبرى:و كل كلام كان كذلك فلا ينبغى ان يتكلم منه الا بما ينبغى، و لفظ الوثاق مستعار، و صغرى الثانى:قوله:فرب كلمه سلبت نعمه:و تقدير الكبرى:و كل كلمه كذلك فيجب الاحتراز منها بقله القول و التثبت فيه.
حکمت 374
نهى عن قول ما لا يعلم لانه كذب او محتمل للكذب و لانه قول بالجهل فيجب الاحتراز فيه، و اما النهى عن قول كل ما يعلم فلجواز ان يكون فيه مضره لنفسه او لغيره كاذاعه سر يستلزم اذاه او اذى من اسره اليه، و نفر عن ذلك بقوله:فان الله. الى آخره، و هو صغرى ضمير. و الفرايض التى افترضها الله على كل جارحه هو ما اوجبه على اللسان مثلا من قول ما ينبغى فى موضعه و كذلك ما يتعلق بالعين من النظر الذى ينبغى و نحو ذلك فى سائر الجوارح. و تقدير الكبرى:و كل من فرض الله على جوارحه فرائض كذلك يحتج بها عليه يوم القيامه فى تركها و العمل بها فيجب عليه المحافظه عليها.
حکمت 375
حذر من الامرين بما يلزمه من دخوله فى زمره الخاسرين لثواب الله يوم القيامه:ثم امر بالقوه على طاعه الله ليتم الاستعداد بها لرحمته و بالضعف عن معصيته ليضعف الاستعداد بها عن قبول سخط الله و نقمته.
حکمت 376
احديها:الركون الى الدنيا مع ما تعاين منها جهل:اى بما ينبغى ان يركن اليه مما لا ينبغى. الثانيه:و التقصير فى حسن العمل اذا وثقت بالثواب عليه غبن:اى مستلزم للغبن و هو ترك ما يوفق به من الثواب الكثير فى مقابله العمل اليسير له، و فيه ايماء الى ان مبدء التقصير فى حسن العمل عدم الوثوق بالثواب الموعود فى الاخره. الثالثه:و الطمانينه الى كل احد قبل الاختبار عجز:اى عن البحث عمن ينبغى السكون اليه و عن وضعه موضعه. و نفر عن الركون الى الدنيا بما يلزمه من الجهل، و عن التقصير فى حسن العمل بما يلزمه من الغبن، و من الطمانينه الى كل احد بما يلزمها من العجز.