خطبه 102-در تشويق به زهد
اقول:صدف:اعرض. و ثوى بالمكان:اقام به. و الفجيعه:المصيبه. و الجلد:القوه. و حاصل الفصل تزهيد الدنيا و التحذير منها فامرهم ان ينظروا اليها نظر الزاهدين فيها المعرضين عنها امر لهم بتركها و احتقارها الا بمقدار الضروره الى ما تقوم به الضروره ثم اردفه بذكر معائبها المنفره:فالاول:ازالتها للمقيم بها المطمئن اليها عما ركن اليه منها. الثانى:فجيعتها للمترف المتنعم بها الذى خدعته بامانيها حتى امن فيها بسلب ما ركن اليه و امن عليه. الثالث:كونها لايرجع ما تولى منها فادبر من شباب و صحه و مال و عمر و نحوه. الرابع:كونها لايدرى ما هو آت من مصائبها فينتظر و يحترز منه. الخامس:شوب سرورها بالحزن. اذ كان مسرورها لايعدم فى كل اوان فوت مطلوب او فقد محبوب. السادس:انتهاء قوه اهلها و جلدهم الى الضعف كما قال تعالى ثم جعل من بعد قوه ضعفا و شيبه و زهد بعض الصالحين فى الدنيا فقال:عيش مشوب بسقم منساق الى هرم مختوم بعدم مستعقب بندم هل يجوز التناقس فيه. ثم نهى عن الاغترار بكثره ما يعجبهم منها و علل حسن ذلك الانتهاء بقله ما يصحبهم منها فان المنافسه انما ينبغى ان يكون باقيا للانسان حيث كان كان، و اشار بقليل ما يصحبهممنها الى الكفن و نحوه.ثم دعا لمن تفكر فافاده فكره عبره:اى انتقال ذهن الى ما هو الحق من وجوب ترك الدنيا و العمل للاخره فافاده ذلك الانتقال ادراكا للحق و مشاهده ببصر البصيره له ثم اردفه بتشبيه وجود متاع الدنيا الحاضر بعدمه تنبيها على سرعه لحوق عدمه بوجوده فكان وجوده شبيه بان لم يكن لسرعه زواله و كذلك تشبيه عدم الاخره الان و ما يلحق فيها من الثواب و العقاب بوجودها الدائم:اى كانها لسرعه وجودها و لحوقها لم تزل موجوده، و نبه بقوله:و كل معدود منقض. على انقضاء مدد الاعمار لكونها معدوده الايام و الساعات و الانفاس. و قوله:و كل متوقع آت و كل آت قريب دان. فى صوره الضرب الاول من الشكل الاول. و نتيجته فكل متوقع قريب دان. و الاشاره به الى الموت و ما بعده
اقول:حصر العالم فيمن عرف قدره، و اراد بقدره مقداره من ملك الله و محله من الوجود، و لما كان عرفانه بذلك مستلزما لمعرفته بنسبته الى مخلوقات الله فى العالمين و انه اى شى ء هو منها، و لاى شى ء وجد لاجرم كان هو العالم اللازم لحده السالك لما امر به غير المتعدى طوره المرسوم له فى كتاب ربه و سنن انبيائه. و قوله:و كفى بالمرء جهلا ان لايعرف قدره. لما كان العلم مستلزما لمعرفه القدر كان عدم معرفه القدر مستلزما لعدم العلم و هو الجهل لان نقيض اللازم يستلزم نقيض الملزوم، و قوله:و كفى بذلك الجهل. اشاره الى قوته و استلزامه للعذاب. و قوله:و ان من ابغض الرجال الى الله. الى قوله:قصد السبيل. قد سبق بيانه. و قوله:سائرا بغير دليل. كنى بالدليل عن ائمه الهدى و المرشدين الى الله، و يدخل فى ذلك الكتاب و السنه. فان من سار فى معاملته الله او لعباده بغير دليل منهما كان من الهالكين. و قوله:ان دعى. الى آخره. استعار لفظ الحرث لاعمال الدنيا و اعمال الاخره، و وجه المشابهه كونها مستلزمه للمكاسب الاخرويه و الدنيويه كما ان الحرث كذلك، ثم شبه ما عمل له من حرث الدنيا بالواجب عليه فى مبادرته اليه و مواظبته عليه، و شبه ما ق
صر عنه من حرث الاخره بالساقط عنه فرضه فى تكاسله و قعوده عنه مع ان الامر منه ينبغى ان يكون بالعكس. و بالله التوفيق.قال الشريف:قوله عليه السلام:كل مومن نومه فانما اراد به الخامل الذكر القليل الشر، و المساييح:جمع مسياح، و هو الذى يسيح بين الناس بالفساد و النمائم، و المذاييع:جمع مذياع، و هو الذى اذا سمع لغيره بفاحشه اذاعها و نوه بها، و البذر:جمع بذور و هو الذى يكثر سفهه و يلغو منطقه. اقول:النومه:كثير النوم، و روى نومه بسكون الواو. و هو ضعيف. و كفات الاناء:قلبته لوجهه، و كنى بالنومه عن خامل الذكر بين الناس المشتغل بربه عنهم كما فسره عليه السلام بقوله:ان شهد لم يعرف و ان غاب لم يفتقد، و اشار باولئك الى كل مومن كذلك، و استعار لهم لفظ المصابيح و الاعلام لكونهم اسباب الهدايه فى سبيل الله، و قد سبق ذلك. و قوله:ليسوا بالمساييح. الى قوله:ضراء نقمته. ظاهر. و قد فسر السيد - رضوان الله عليه- مشكله.