نامه 047-وصيت به حسن و حسين
اقول:بغيت كذا:اردته. و اغباب افواههم:ان يطعموهم يوما و يتركوهم يوما. و المناظره:و المحافظه و المراقبه. و التدابر:و التقاطع و التعادى. و المثله التنكيل. و قد اوصاهما بامور:اولها:تقوى الله التى هى راس كل خير. الثانى:الزهد فى الدنيا، و ان لا يريداها و ان ارادتهما:اى اقبلت عليهما بما يعد فيها (عنها خ) خيرا، و استعار لفظ البغيه لها باعتبار سهولتها عليهما عن توافق اسباب خيرها لهما فهى بذلك الاعتبار كالطالبه لها. الثالث:ان لا ياسفا على ما قبض و غيب عنهما من خيراتها و هو من لوازم الزهد الحقيقى فيها. الرابع:ان لا يقولا الا الحق و هو ما ينبغى قوله من اوامر الله و نواهيه، و ان يعملا لاجر الاخره:اى يكون اقوالهما و اعمالهما مقصوره على هذين. الخامس:ان يكونا للظالم خصيما و للمظلوم عونا، و ذلك من لوازم قول الحق و العمل له. اذ من كان على حاق العدل لابد ان يجانب الظالم المنحرف الى طرف الجور و يخاصمه ليرده الى فضيله العدل فيكون حينئذ عونا للمظلوم. ثم عاد موكدا لوصيتهما مع جميع ولده و اهله و من بلغه كتابه من عباد الله بتقوى الله مكررا لها و مردفا باوامر اخرى:احدها:صلاح ذات البين و ذات كنايه عن الحاله الموجبه للبين و الافتراق. و قيل:هى الحاله بين الرجلين و القبيلتين او الرجل و اهله. امر باصلاح ما بينهما من فساد. و قيل:يحتمل ان يريد بالبين هنا الوصل، و بالذات النفس:اى اصلحوا نفس وصلكم من فساد يقع فيه. و قيل:ان ذات هنا مقحمه زائده، و نحوه قوله تعالى فاتقوا الله و اصلحوا ذات بينكم و صلاح ذات البين من لوازم الالفه و المحبه فى الله، و هى فضيله تحت العفه. و رغب فى ذلك بما رواه سماعا عن رسول الله صلى الله و عليه و اله من قوله:صلاح ذات البين افضل من عامه الصلاه و الصيام و وجه الافضليه هنا انك علمت فيما سلف ان اهم المطالب للشارع صلى الله و عليه و اله جمع الخلق على سلوك سبيل الله و انتظامهم فى سلك دينه و لن يتم ذلك مع تنازعهم و تنافر طباعهم و ثوران الفتنه بينهم فكان صلاح ذات البين مما لا يتم اهم مطالب الشارع الا به، و هذا المعنى غير موجود فى الصلاه و الصيام لامكان المطلوب المذكور بدونهما فتحققت افضليته من هذه الجهه. و الخبر فى قوه صغرى ضمير تقدير كبراه:كلما كان كذلك فواحب ان يفعل. الثانى:حذره من الله تعالى فى الايتام و نهى عن اجاعتهم:و كنى عنها باغباب افواههم اذ هو مظنه جوعهم. ثم عن اضاعتهم و استلزم ذلك
النهى امرهما ببرهم و الاحسان اليهم و هو فضيله تحت العفه. الثالث:الوصيه فى الجيران و التحذير من الله فيهم، و نبه على حفظ قلوبهم و اكرامهم بوصيه الرسول صلى الله و عليه و اله فى حقهم، و جعلهم نفس الوصيه تاكيدا للمحافظه عليهم كالمحافظه على وصيه رسول الله و المجاز من باب اطلاق اسم المتعلق. و قوله:مازال. الى قوله:سيورثهم و تفسير للوصيه المذكوره، و هى ايضا فى قوه صغرى ضمير تقدير كبراه:و كل من اوصى النبى فى حقه كذلك فواجب ان يحفظ. الرابع:الوصيه بما اشتمل عليه القرآن الكريم من القوانين و القواعد، و التحذير من الله سبحانه فى تركه، و النهى عن ان يسبقهم بذلك غيرهم المستلزم للامر بالمسارعه و السبق اليه. الخامس:الوصيه بامر الصلاه و التحذير من الله فى امرها، و نبه على فضيلتها بضمير صغراه قوله:فانها عمود الدين. و هو عين ما رويناه من الحديث قبل، و تقدير الكبرى:و كل ما كان كذلك فواجب ان يقام الدين باقامته. السادس:الوصيه ببيت ربهم و النهى عن ترك زيارته مده العمر، و قد سبق سره، و نبه على فضيله اخرى له توجب ملازمته و هو ما يستلزمه تركه من عدم مناظره الله لتاركيه و ترك محافظته عليهم و مراقبته لان من لا يحفظ الله فى بيته
و لا يراقبه فى مراعاه جانبه لم يحفظه الله و لم يراقبه، و يحتمل ان يريد لن يناظركم الاعداء و لم يراقبوكم. اذ فى الاجماع الى بيت الله و المحافظه عليه عز بالله و اعتصام به يوجب مراقبه الخلق للمعتصمين به و انفعال القلوب عنهم و عن كثرتهم و مناظرتهم. السابع:الوصيه بالجهاد فى سبيل الله بالمال و النفس و اللسان و التحذير من الله فى تركه و هو مما علمت فضيلته. الثامن:الوصيه بالتواصل و التباذل:اى يبذل كل منهم النصره لصاحبه فى سبيل الله. التاسع:التحذير من التقاطع و التدابر. و سره ظاهر. العاشر:النهى عن ترك الامر بالمعروف و النهى عن المنكر المستلزم للامر بهما. و نفر عن ذلك الترك بما يستلزمه و يعد له من تولى الاشرار عليهم و عدم استجابه دعاء الداعين منهم، و وجه اعداده لذلك ان ترك الاجتماع على الامر بالمعروف و النهى عن المنكر يستلزم ثوران المنكر و قله المعروف من طباع الاشرار و يعد لاستيلائها و غلبتها و ولايه اهلها و ذلك يستلزم كثره الشر و الاشرار و قله الصالحين و ضعف هممهم عن استنزال رحمه الله تعالى بادعيتهم فيدعون فلا يستجاب لهم.ثم عقب ذلك بوصيه اهل بيته من بنى عبدالمطلب بما يخصه من امر دمه. و الوصيه بامور:احدها:نهاهم عن اثاره الفتنه بسبب قتله فقال:لا اجدنكم تخوضون دماء المسلمين خوضا، و كنى عن كثره القتل. و قوله:تقولون:قتل اميرالمومنين. حكايه ما جرت به العاده ان يقوله طالب الثارحين هياجه اظهارا لعذره و السبب الحامل له على اثاره الفتنه. الثانى:نهاهم ان يقتلوا الا قاتله. اذ ذلك هو مقتضى العدل. الثالث:نبههم بقوله:انظروا. الى قوله:هذه. على انه لا يجوز قتله بمجرد ضربته ان لو حصل الموت بسبب غيرها الا ان يعلم ان موته كان بسبها. الرابع:امرهم ان يضربوه ضربه بضربه، و ذلك مقتضى عدله عليه السلام ايضا. الخامس:نهى عن المثله به معللا بما رواه سماعا عن رسول الله صلى الله عليه و اله و ذلك لما فى المثله من تعدى الواجب و قسوه القلب و شفاء الغيظ و كل ذلك رذائل يجب الانتهاء عنها، و هو فى قوه صغرى ضمير تقدير كبراه:و كل ما نهى رسول الله صلى الله عليه و اله عنه فوجب ان لا يفعل. و بالله التوفيق.