و ذلك لان العقل يقتضى صيانه العرض و البقاء على حد توقر معه صاحبه و لا يستخف به. و المزاح الذى لا ينبغى يقتضى اضداد ذلك فهو مستلزم لمخالفه العقل و تركه. فاستعار لفظ المج لما يطرحه الانسان من عقله فى مزحه او مزحاته. فكانه قد مجه كما مج الماء من فيه و يلقيه.
حکمت 443
اما الاول فلان من تمام الحظ كثره الاخوان للاعانه على صلاح امر المعاش و المعاد. فالزهد فيهم يستلزم نقصان الحظ، و لان مجازاه الرغبه بمثلها فضيله من تمام الخط النفسانى فعدمها يستلزم نقصانه. و اما الثانى فاستلزام الرغبه فى الزاهد فيك للذل و الخضوع له ظاهر. و الكلمتان صغريا ضمير نفر به عن الزهد فى الراغب فيك و الرغبه فيمن يزهدك.
حکمت 445
استفهم تعجبا من وجه الجمع بين الانسان و الفخر و نبه على عدم المناسبه بينهما بضمير صغراه قوله:اوله. الى آخره. و تقدير الكبرى:و كل من كان كذلك فلا مناسبه بينه و بين الفخر. و روى:الفخر- منصوبا- على المفعول معه.
حکمت 446
و اراد الغنى الحقيقى بالثواب، و الفقر بعدمه فى الاخره.
حکمت 447
اراد انهم لم يقولوا الشعر على منهاج واحد حتى يفاضل بينهم بل كان لكل منهم حاله خاصه يجيد فيها و ينبعث فيها قريحه. فواحد يجيد فى الرغبه، و آخر فى الرهبه، و آخر فى النشاط و الطرب. و لذلك قيل:اشعر العرب امرء القيس اذا ركب، و الاعشى اذا رغب، و النابغه اذا رهب. و استعار لفظ الحلبه و هى القطعه من الخيل يقرن للسباق للطريقه الواحده، و رشح بذكر الاجراء و الغايه و قصبتها و ذلك ان عاده العرب ان يضع قصبه فى آخر المدى فمن سبق اليها و اخذها فاز بالسبق و الغلب. و قوله:فان كان و لابد. اى من الحكم. و انما حكم له بذلك باعتبار جوده شعره فى اكثر حالاته دون غيره كما روى عنه بروايه اخرى ان ابا الاسود ساله عن اشعر العرب. فقال:لو رفعت للقوم غايه علمنا من السابق منهم و لكن ان لم يكن فالذى لم يقل عن رغبه و لا رهبه و هو الملك الضليل. و سمى ضليلا لكثره ضلالته و قوتها، و قيل:لانه تنصر فى آخره عمره. و قيل:لانه كان كثير التهتك و اعلان الفسق كما فى شعره. و روى عن المنتبى:ان امرء القيس استدر الناقه و ركبها، و اخذ طرفه ما طاب من لحمها، و اخذ لبيد بامعائها و اكباده، و بقيت عظامها و ارواثها فاقتسمناها نحن. قيل للبيد بن ربيعه:من اشعر العرب؟ فقال:الملك الضليل. فقيل:ثم من؟ قال:الفتى القليل يعنى طرفه. فقيل:ثم من؟ فقال:اشيخ ابوعقيل يعنى نفسه.
حکمت 448
اللماظه:- بضم اللام- ما يبقى فى الفم من الطعام. و لفظها مستعار للدنيا باعتبار قلتها و حقارتها. و دعا الى تركها ثم جذب عنها بضمير صغراه قوله:فانه. الى قوله:الجنه. و هو كقوله تعالى (ان الله اشترى من المومنين انفسهم و اموالهم بان له الجنه) و تقدير الكبرى:و كلما كان ليس لانفسكم ثمن الا هو فينبغى ان لا تبيعوها الا به.
حکمت 449
النهم بالفتح:افراط الشهوه فى الطعام، و لفظه مستعار لشده طلب المتعلم و حرصه على العلم و طلب صاحب الدنيا، و كذلك وصف عدم الشبع بهما. و الكلمه مرويه عن رسول الله صلى الله و عليه و آله:منهومان لا يشبعان منهوم بالمال و منهوم بالعلم.
حکمت 450
اشار من علامات الايمان الى ثلاث:احدها:ان يوثر الصدق الضار على الكذب النافع محبه للفضيله و كراهه للرذيله. الثانيه:ان لا يكون فى حديثه فضل و زياده عن علمه و هو العدل فى القول و الاحتراز من رذيله الكذب. الثالثه:ان يتقى الله فى حديث غيره فلا تخوض فى عرضه بغيبه او سماعها. و قيل:اراد ان يحتاط فى الروايه فيروى عنه حديثه كما هو.
حکمت 451
المقدار:القدر. و لما كان الانسان جاهلا باسرار القدر كان بناء تقديره و تدبيره لنفسه على اوهام لاثقه بها فجاز فيما دبره هو لنفسه و اعتقده سببا للمصلحه ان يكون من اسباب مفسدته و هلاكه. و قد مر بيان ذلك.
حکمت 452
استعار لهاتين الفضيلتين لفظ التوامين باعتبار استلزام علو الهمه و صدورهما بواسطتها و ذلك ان عالى الهمه يستحقر كل ذنب و مذنب فى حقه فيحلم عنه و يتانى عن المبادره الى مقابلته.