خطبه 219-درباره يكى از حاكمان
اقول:الاود:العرج. و العمد:مرض، و هو انسداخ داخل سنام البعير من الحمل و نحوه مع صحه ظاهره. و قوله:لله بلاد فلان. لفظ يقال فى معرض المدح كقولهم:لله دره، و لله ابوه. و اصله ان العرب اذا ارادوا مدح شى ء و تعظيمه نسبوه الى الله تعالى بهذا اللفظ، و روى:لله بلاء فلان:اى عمله الحسن فى سبيل الله، و المنقول ان المراد بفلان عمر، و عن القطب الراوندى انه انما اراد بعض اصحابه فى زمن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم ممن مات قبل وقوع الفتن و انتشارها، و قال ابن ابى الحديد- رحمه الله-:ان ظاهر الاوصاف المذكوره فى الكلام يدل على انه اراد رجلا ولى امر الخلافه قبله. لقوله:قوم الاود و داوى العمد. و لم يرد عثمان لوقوعه فى الفتنه و تشعبها بسببه، و لا ابابكر لقصر مده خلافته و بعد عهده عن الفتن فكان الاظهر انه اراد عمر، و اقول:ارادته لابى بكر اشبه من ارادته لعمر لما ذكره فى خلافه عمر و ذمها به فى خطبتها المعروفه بالشقشقيه كما سبقت الاشاره اليه. و قد وصفه بامور:احدها:تقويمه للاود، و هو كنايه عن تقويمه لا عوجاج الخلق عن سبل الله الى الاستقامه فيها. الثانى:مداوته للعمد، و استعار لفظ العمد للامراض النفسانيه باعتبار استلزامها للاذى كالعمد، و وصف المداواه لمعالجه تلك الامراض بالمواعظ البالغه و الزواجر القارعه القوليه و الفعليه. الثالث:اقامته للسنه و لزومها. الرابع:تخليفه للفتنه. اى موته قبلها، و وجه كون ذلك مدحا له هو اعتبار عدم وقوعها بسببه و فى زمنه لحسن تدبيره. الخامس:دهابه نقى الثوب، و استعار لفظ الثوب لعرضه، و نقاه لسلامته عن دنس المذام. السادس:قله عيوبه. السابع:اصابه خيرها و سبق شرها، و الضمير فى الموضعين يشبه ان يرجع الى المعهود مما هو فيه من الخلافه. اى اصاب ما فيها من الخير المطلوب و هو العدل و اقامه دين الله الذى به يكون الثواب الجزيل فى الاخره و الشرف الجليل فى الدنيا، و سبق شرها:اى مات قبل وقوع الفتنه فيها و سفك الدماء لاجلها. الثامن:اداوه الى الله طاعته. التاسع:اتقاه بحقه. اى ادى حقه خوفا من عقوبته. العاشر:رحيله الى الاخره تاركا للناس بعده فى طرق متشعبه من الجهالات لا يهتدى فيها من ضل عن سبيل الله و لا يستيقن المهتدى فى سبيل الله انه على سبيله لاختلاف طرق الضلال و كثره المخالف له اليها. و الواو فى قوله:و تركتم. للحال. و اعلم ان الشيعه قد اوردوا هنا سوالا فقالوا:ان هذه الممادح التى ذكرها علي
ه السلام فى حق احد الرجلين تنافى ما اجمعنا عليه من تخطئتهم و اخذهما لمنصب الخلافه. فاما ان لا يكون هذا الكلام من كلامه عليه السلام او ان يكون اجماعنا خطا. ثم اجابوا من وجهين:احدهما:لا نسلم التنا فى المذكور فانه جاز ان يكون ذلك المدح منه عليه السلام على وجه استصلاح من يعتقد صحه خلافه الشيخين و استجلاب قلوبهم بمثل هذا الكلام. الثانى:انه جاز ان يكون مدحه ذلك لاحدهما فى معرض توبيخ عثمان بوقوع الفتنه فى خلافته و اضطراب الامر عليه استئثاره ببيت المال المسلمين هو و بنو ابيه حتى كان ذلك سببا لثوران المسلمين من الامصار اليه و قتلهم له، و نبه على ذلك بقوله:و خلف الفتنه و ذهب نقى الثوب قليل العيب اصاب خيرها و سبق شرها. و قوله:و تركهم فى طرق متشعبه. الى آخره. فان مفهوم ذلك يستلزم ان الوالى بعد هذا الموصوف قد اتصف باضداد هذه الصفات، و الله اعلم.