خطبه 130-سخنى با ابوذر
اقول:ابوذر:اسمه جندب بن جناده، و هو من بنى غفار قبيله من كنانه، و اسلم بمكه و لم يشهد بدرا و لا الخندق لانه حين اسلم رجع الى بلاد قومه فاقام حتى مضت (قامت خ) هذه المشاهد. ثم قدم المدينه على رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و كان يتولى عليا و اهل بيته، و هو الذى قال الرسول صلى الله عليه و آله و سلم فى حقه:ما اقلت الغبراء و لا اظلت الخضراء على ذى لهجه اصدق من ابى ذر، و روى ابن المعمر عنه قال:رايت اباذر آخذا بحلقه باب الكعبه و هو يقول:انا ابوذر الغفارى فمن لم يعرفنى فانا جندب صاحب رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يقول:مثل اهل بيتى كمثل سفينه نوع من ركبها نجى و من تخلف عنها غرق. و كان قد اخرجه عثمان الى الربذه، و هى موضع قريب الى المدينه. و اختلف فى سبب اخراجه فروى عن زيد بن وهب انه قال:قلت لابى ذر- رحمه الله عليه- و هو بالربذه:ما انزلك هذا المنزل؟ قال:اخبرك انى كنت بالشام فى ايام معاويه فذكرت قوله تعالى و الذين يكنزون الذهب و الفضه و لاينفقونها فى سبيل الله الايه فقال معاويه هذه نزلت فى اهل الكتاب. قلت:بل فينا و فيهم. فكتب معاويه الى عثمان يشكو منى فى ذلك فكتب الى ان اقدم على فقدمت عليه فامثال الناس على كانهم لم يعرفونى فشكوت ذلك الى عثمان فخيرنى فقال:انزل حيث شئت فنزلت الربذه. و هذا قول من نزه عثمان عن ظلم ابى ذر و نفيه. اذ كان خروجه الى الربذه باختياره، و قيل:بل كان يغلظ القول فى انكار ما يراه منكرا و فى حق عثمان، و يقول:لم تبق اصحاب محمد على ما عهد. و ينفر بهذا القول و امثاله عنه. فاخرجه لذلك، و خطابه عليه السلام لابى ذر اليق بالقول الثانى. فقوله:انك عضبت لله. شهاده له ان انكاره لما ينكره انما يقصد به وجه الله تعالى. و قوله:ان القوم خافوك على دنياهم. اى على امر الخلافه بالتنفير عنهم، و خفتهم على دينك باجتناب موافقتهم و اخذ عطائهم على غير السنه. و قوله:فاترك. الى قوله:منعوك. اى اترك لهم دنياهم و انج بدينك فما احوجهم الى دينك و اغناك عن دنياهم. و قوله:ستعلم من الرابح غدا و الاكثر حسدا. اشار به الى يوم القيامه، و ظاهر كون تارك الدنيا اربح من المقبل عليها. و اكثريه الحسد من لواحق اكثريه الربح. و قوله:و لو ان السماوات. الى قوله:مخرجا. بشاره له بخلاصه مما هو فيه من ضيق الحال بسبب الاخراج، و شرط فى ذلك تقوى الله اشاره الى قوله تع
الى و من يتق الله يجعل له مخرجا قال ابن عباس قرء رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و من يتق الله يجعل له مخرجا، قال:من شبهات الدنيا، و من غمرات الموت و شدائد يوم القيامه. و ظاهر كون التقوى عند استشعارها سببا قاطعا لطمع المتقى من الدنيا و قيناتها، و هو مستلزم لراجيه من مجاذبه النفس الاماره بالسوء عن الوقوع فى شبهات الدنيا، و هى فى استلزام الخلاص من غمرات الموت و شدائد يوم القيامه اظهر، و كنى عليه السلام بالغايه المذكوره و هى رتق السماوات و الارض على. العبد عن غايه الشده مبالغه ليتبين فضل التقوى، ثم امره بالاستيناس بالحق وحده، و الاستيحاش من الباطل وحده. و اكد الحصر فى الموضعين بقوله:وحده. تنفيرا عن ان يستوحش من حق ما فيترك و ينفر عنه و ان صعب و شق على النفس، او يستانس بباطل ما فيفعل او يسكت عليه و ان لذلها. و نبه على عله بغضهم و اخافتهم له و هو عدم مشاركتهم فى دنياهم و الانفراد بالانكار و غلظه القول عليهم، و كنى بالقرض من الدنيا عن الاخذ. و بالله التوفيق.