خطبه 193-هنگام به خاكسپارى فاطمه
اقول:مسهد:مورق. و احفها السوال:استقص عليها فيه. فاما قول السيد- رضى الله تعالى عنه- سيده النساء، فقد جاء فى الخبر انه راها تبكى عند موته فقال لها:اما ترضين ان تكون سيده نساء هذه الامه، و روى انه قال:سادات نساء العالمين اربع:خديجه بنت خويلد، و فاطمه بنت محمد، و آسيه بنت مزاحم، و مريم بنت عمران. و السلام منه عليه السلام على الرسول صلى الله عليه و آله و سلم كعاده الزائرين لكن الزياره هذه قلبيه، و عنها كالمستاذن لها فى الدخول عليه، و جوارها له:اى فى منازل الجنه و اما سرعه لحاقها به ففايده ذكرها التشكى اليه من سرعه تواتر المصائب عليه بموته و لحوقها عقبيه، و المنقول ان مده حياتها بعده صلى الله عليه و آله و سلم اربعه اشهر، و قيل:سته اشهر. ثم اخذ فى التشكى اليه كالمخاطب له من قله صبره و رقه تجلده و تحمله للمصيبه بها. و فى قوله:صفيتك. اشاره الى ما كان لرسول الله صلى الله عليه و آله و سلم من التبجيل و المحبه و الاكرام. و قوله:الا ان لى. الى قوله:موضع تعز. كالعذر و التسليه و ان كانت هذه المصيبه عظيمه يقل لها الصبر و يرق لها التجلد فان المصيبه بفراقك اعظم، و كما صبرت فى تلك على كونها اشد فلان اصبر على هذه اولى. و التاسى الاقتداء بالصبر فى هذه المصيبه كالصبر فى تلك. و قوله:فلقد وسدتك. الى قوله:نفسك. كالشرح للمصيبه به صلى الله عليه و آله و سلم و مقاساتها عند تلحيده و عند فيضان نفسه و هى دمه بين صدره و نحره، و كالتذكير لنفسه بها. و قوله:فانا لله و انا اليه راجعون. امتثال لقوله تعالى و بشر الصابرين الذين اذا اصابتهم مصيبه قالوا انا لله و انا اليه راجعون. و قوله:فلقد استرجعت الوديعه. الى قوله:الرهينه. استعار لفظ الوديعه و الرهينه لتلك النفس، و وجه الاستعاره الاولى ان النفوس فى هذه الابدان يشبه الودايع و الامانات فى كونها تسترجع الى عاملها فى وجوب المحافظه عليها من المهلكات، و يحتمل ان يريد ما هو المتعارف بين الناس من كون المراه وديعه الرجل كما يقال:النساء ودايع الكرام، و وجه الثانيه ان كل نفس رهينه على الوفاء بالميثاق الذى واثقها الله تعالى به، و العهد الذى اخذ عليها حين الاهباط الى عالم الحس و الخيال ان ترجع اليه سالمه من سخطه، عامله باوامره غير منحرفه من صراطه الوضوح على لسان رسوله صلى الله عليه و آله و سلم فان وفيت بعهدها خرجت من وثاق الرهن وضوعف لها الاجر كما قال تعالى (و من اوفى بما عاهد عليه
الله فسيوتيه اجرا عظيما) و ان نكثت و ارتكبت بما نهيت عنه بقيت رهينه بعملها كما قال تعالى (كل نفس بما كسبت رهينه) و الرهينه تصدق على الذكر و الانثى. و قد سبقت الاشاره الى ذلك. و قوله:اما حزنى. الى قوله:مقيم. صوره حاله بعدهما على سبيل الشكايه، و كنى بالدار عن الجنه لانه ممن بشر بها. و قوله:و ستنبئك ابنتك. الى قوله:الذكر. رمز للتشكى الى الرسول صلى الله عليه و آله و سلم من امته بعده فيما كان يعتقده حقا له من الخلافه و نحله فدك لفاطمه عليهاالسلام فزحزحا عنهما مع نوع من الاهتضام له، و الغلظه عليه فى القول على قرب عهدهم بالرسول صلى الله عليه و آله و سلم و طراوه الذكر الذى هو القرآن الامر بموده القربى و قوله:و السلام عليكما. الى آخره. صوره وداع المحبين الناصحين بجارى العاده. و قوله:و ان اقم. الى قوله:الصابرين. تنزيه لنفسه عما عساه يعرض لبعض من يلازم القبور لشده الجزع و الاسف عن و هم انه لا عوض عن ذلك الفائت و الاجر على التعزى و الصبر عنه، و ما وعد الله به الصابرين على نزول المصائب هو صلاته و رحمته فى قوله تعالى (قالوا انا لله و انا اليه راجعون اولئك عليهم صلوات من ربهم و اولئك هم المهتدون) و بالله التوفيق.