خطبه 050-در بيان فتنه
و من خطبه له عليه السلام:اقول:المرتاد:الطالب. و الضغث:القبضه من الحشيش. و اعلم ان مبدء وقوع الفتن المودبه الى خراب العالم و فساده انما هو اتباع الهوى و الاراء الباطله و الاحكام المبتدعه الخارجه عن اوامر الله و ذلك ان المقصود من بعثه الرسل و وضع الشريعه انما هو نظام احوال الخلق فى امر معاشهم و معادهم فكان كل راى ابتدع او هوى اتبع خارجا عن كتاب الله و سنه رسوله سببا لوقوع الفتنه و تبدد نظام الموجود فى هذا العالم. و ذلك كاهواء البغاه و آراء الخوارج و نحوها. و قوله:فلو ان الباطل خلص من مراج الحق. الى آخره. اشاره الى اسباب تلك الاراء الفاسده. و مدار تلك الاسباب على امتزاج المقدمات الحقه بالباطله فى الحجج التى يستعملها لمبطلون فى استعلام المجهولات فبين ان السبب هو ذلك الامتزاج بشرطيتين متصلتين. احديهما:قوله:فلو ان الباطل خلص من مزاج الحق لم يخف على المرتادين. و وجه الملازمه فى هذه المتصله ظاهر فان مقدمات الشبهه اذا كانت كلها باطله ادرك طالب الحق وجه فسادها بادنى سعى و لم يخف عليه بطلانها، و اما استثناء نقيض تاليها فلانه لما خفى وجه البطلان فيها على طالب الحق لم يكن الباطل فيها خالصا من مزاجالحق فكان ذلك هو سبب الغلط و اتباع الباطل لان النتيجه تتبع اخس المقدمتين. و الثانيه:قوله:و لو ان الحق خلص من (لبس خ) الباطل انقطعت عنه السن المعاندين، و وجه الملازمه ايضا كما مر:اى ان مقدمات الحجه التى استعملها المبطلون لو كانت كلها حقه مرتبه ترتيبا حقا لكانت النتيجه حقا تنقطع السنتهم عن العناد فيه و المخالفه له. و قد حذف عليه السلام كبرى هذين القياسين لانهما قياسا ضمير كما سبق، ثم اتى بالنتيجه او ما فى معناها و هو قوله:و لكن يوخذ من هذا ضغث، و من هذا ضغث:اى من الحق و الباطل فيمزجان، و لفظ الضغث مستعار و مقصوده بذلك التصريح بلزوم الاراء الباطله و الاهواء المبتدعه لمزج الحق بالباطل. و لذلك قال:و هنا لك يستولى الشيطان على اوليائه:اى انه يزين لهم اتباع الاهواء و الاحكام الخارجه عن كتاب الله بسبب اغوائهم من تمييز الحق من الباطل فيما سلكوه من الشبهه و ينجو الذين سبقت لهم منا الحسنى:اى من اخذت عنايه الله بايديهم فى ظلمات الشبهات فقادتهم فيها باضافه نور الهدايه عليهم الى تميز الحق من الباطل و (اولئك هم عن النار مبعدون)