نامه 059-به اسود بن قطبه
اقول:فى الفصل لطائف:احدها:انه نبهه على وجوب ترك تنويع الاهويه و الاعراض عن اتباع مختلفاتها بما يستلزمه من المفسده و هى الامتناع عن كثير من العدل، و وجه الاستلزام ظاهر لان اتباع الاهويه المختلفه يوجب الانحراف عن حاق الوسط فى المطالب، و لما نبهه على مفسده الجور امره ببسط العدل و التسويه بين الخلق فى الحق. ثم نبه على فضيلته بضمير صغراه قوله:فانه الى قوله:العدل. و تقديرها:فان العدل ليس فى الجور عوض عنه، و تقدير الكبرى:و كل ما لم يكن فى الجور عوض عنه فيجب لزومه و اتباعه. الثانيه:لما كان اتباع مختلف الاهويه مما ينكر مثله عند وقوعه فى حقه او حق من يلزمه امره كالاذى اللاحق له مثلا امره باجتنابه و ان لا يقع منه فى غيره ما يكره وقوع مثله فى حقه. و العباره وافيه بهذا المعنى، والغرض التنفير عنه. الثالثه:امره بعد ذلك ان يبذل نفسه فيما افترض الله عليه حالتى رجائه لثوابه و خوفه من عقابه لكونهما داعى العمل. الرابعه:نبهه على ان الدنيا دار ابتلاء بالعمل كما قال تعالى (الذى خلق الموت و الحياه ليبلوكم ايكم احسن عملا) و لما كان العمل الصالح فيها هو سبب الاستعداد للسعاده الباقيه لا جرم كان الفراغ من العمل فيها تركا لسبب سعاده لا يحصل يوم القيامه الا به فكان من لوازم فرغته منه فى الدنيا الحسره على ثمرته يوم القيامه. الخامسه:نبهه على ضرورته الى عمل الحق بانه لا يغنيه عنه شى ء غيره لان كل ما عدا الحق باطل و الباطل سبب للفقر فى الاخره فلا يفيد غنى. السادسه:نبهه على ان من الحقوق الواجبه عليه حفظ نفسه:اى من زله القدم عن الصراط المستقيم و الوقوع فى سواء الجحيم، ثم الاحتساب على رعيته بجهده و طاقته، و الاخذ على ايديهم فى الامر بالمعروف و النهى عن المنكر. و قدم حفظ النفس لانه الاهم، و نبه على وجوب الامرين بقوله:فان الذى. الى آخره و اراد ان الذى يصل الى نفسك من الكمالات و الثواب اللازم عنها فى الاخره بسبب لزومك للامرين المذكورين افضل مما يصل بعدلك و احسانك الى الخلق من النفع و دفع الضرر، و بالله التوفيق.