نامه 022-به ابن عباس
اقول:الدرك:اللحوق. و لا تاس:و لا تحزن. و حاصل الفصل النهى عن شده الفرح بما يحصل من المطالب الدنيويه و شده الاسف على ما يفوت منها، و بيان ما ينبغى للانسان اى يسر بحصوله و ياسف لفقده مما لا ينبغى له. فاشار الى الاول بقوله:فان المرء الى قوله:ليدركه، و هو خبر فى معنى النهى، و لفظ ما فى الموضعين مهمل يراد به المطالب الدنيويه، و نبه بقوله:ما لم يكن ليفوته. على ان ما يحصل من مطالب الدنيا امر واجب فى القضاء الالهى وصوله الى من يحصل له فهو كالحاصل فلا ينبغى ان يشتد فرحه عند حصوله، و بقوله:ما لم يكن ليدركه. على ان ما يفوت منها فهو امر واجب فوته فالاسف عليه مما لا يجدى نفعا بل هو ضرر عاجل. ثم خصصه بالخطاب على سبيل الوصيه و الموعظه و فصل له ما ينبغى ان يسر و ياسف عليه مما لا ينبغى له فاما ما ينبغى ان يسر به فهو ما ناله من آخرته و ما ينبغى ان ياسف عليه فهو مافاته منها، و اما ما ينبغى ان لا يفرح به مما ناله من دنياه لما عرفت من وجوب فنائها و كون القرب منها مستلزما ما للبعد عن الاخره و ما ينبغى ان لا ياسف عليه مما لم ينله منها لكون البعد عنها مستلزما للقرب من الاخره. فان قلت:كيف قال:ما نلت من آخرتك. ومعلوم انه لا ينال شى ء من الاخره الا بعد الموت؟. قلت:يحتمل وجهين:احدهما:لا نسلم ان من مطالب الاخره لا يحصل الا بعد الموت فان الكمالات النفسانيه من العلوم و الاخلاق الفاضله و الفرح بها من الكمالات الاخرويه و ان كان الانسان فى الدنيا. الثانى:يحتمل ان يريد فليكن سرورك بما نلت من اسباب آخرتك. فحذف المضاف و اقام المضاف اليه مقامه. و كذلك بين له ما ينبغى ان يكون همه متوجها نحوه و قصده متعلقا به و هو ما بعد الموت من احوال الاخره من سعاده دائمه يسعى فى تحصيلها او شقاوه لازمه يعمل للخلاص منها. و بالله التوفيق.